المرأة في العمل البلدي: تجربة محدودة

MARAHUKK
فازت نحو خمسمئة امرأة في الانتخابات البلدية في العام 2010. لم تتعدَ نسبتهن الخمسة في المئة من مجموع الفائزين. لكن الأمر يستحق الدراسة. هذا ما قامت به «جمعية تنظيم الأسرة في لبنان»، بالتعاون مع «مؤسسة فرديتش ايبرت». أجرت الجمعية دراسة ميدانية لتقييم تجربتهن في العمل البلدي من خلال استطلاع شمل 224 امرأة من مختلف المناطق والطوائف والفئات الإقتصادية ـ الاجتماعية، عرضتها أستاذة العلوم السياسية في «الجامعة اللبنانية» الدكتورة أوغاريت حلو، والإحصائي الدكتور مروان حوري، أمس، في «فندق هوليداي إن».
أعلنت 90 في المئة من المستطلعات أن دافعهن للترشح كان رغبةً في خدمة منطقتهن، بينما 42.40 في المئة منهنّ عبّرن عن رغبتهنّ في حماية أبناء الطائفة. واعتبرت حلو «النتيجة غير مستغربة، إذ لا يمكن عزل النساء عن نسيجهن الاجتماعي الطائفي»، مؤكدةً أن النتائج قد ترتفع إذا استخدمت الأبحاث النوعية.
وقد شكّل دعم العائلة والزوج مصدر دعم غالبية المستطلعات (بنسبة 90 في المئة). في المقابل، وصلت نسب المستطلعات اللواتي واجهن معارضة من أهل الزوج إلى نحو 12 في المئة للمتزوجات مع أولاد، و8.3 للمتزوجات من دون أولاد، خوفاً من التقصير في واجباتهنّ المنزلية والعائلية. ووصلت نسبة المعارضة الحزبية إلى 6.3 في المئة من إجمالي العينة، النسبة الأعلى منهن متزوجات مع أولاد.
أما نسبة المستطلعات اللواتي ذكرن دعم المجتمع المدني والجمعيات لهنّ، فلم تتجاوز 3.6 ونسبة المستطلعات اللواتي ذكرن دعم فئة النساء لهن لم تتجاوز 1.8 في المئة، ما يدل على أن الروابط الأهلية لا تزال تطغى على الروابط المدنية، وتؤدي الدور الأكبر في ترشح النساء للانتخابات البلدية.
يذكر الاستطلاع أن العوامل التي سهّلت عمل المرأة في المجالس البلدية هي شبكة علاقتهنّ الاجتماعية (94 في المئة)، بينهم 82 في المئة من الطبقات العليا، في مقابل 77 في المئة من الطبقة الوسطى و40 في المئة من الطبقة الدنيا. من دون أن تحدّد الدراسة طبيعة «شبكة العلاقات»، إن كانت طائفية أو حزبية على سبيل المثال. ونفت غالبية المستطلعات بأن القدرات المادية قد لعبت دوراً في ترشحهنّ. فأعلنت 84.80 في المئة من المستطلعات أن القدرات المالية لم تلعب أي دور، من دون أن تذكر الدراسة الخلفية الاقتصادية ـ الاجتماعية للمستطلعات ومدى تأثير استقلالهن الاقتصادي على عملية الترشح.
وقد اعتبرت غالبية المستطلعات أن هيمنة الثقافة الذكورية لم تشكل عائقاً أمام عملهنّ (نحو 58 في المئة).
كذلك، أعلنت الغالبية أن «هيمنة رئيس المجلس» و«غياب ديموقراطية صنع القرار» و«عدم أخذ مساهمة المرأة جدياً» و«ضعف التمثيل النسائي»، جميعها عوامل لم تشكل أي عائق أمام أدائهن داخل المجلس. علماً أن الاستطلاع أظهر أن إدراك الهيمنة وتجلياتها يكون أوضح لدى الفئات الشابة وبين حملة الشهادات العليا وبين الطبقات العليا والوسطى.
أجوبة تبدو نمطية لأسئلة تحتاج إلى تفصيل. فالهيمنة غالباً ما تكون مبطنة وغير مرئية، خصوصاً إذا فازت غالبيتهن بدعم قوى سياسية مسيطرة. وقد أشارت حلو إلى محدودية استنتاجات الاستطلاع، وشدّدت على أنها تحتاج إلى بحث نوعي يستند إلى مقابلات معمقة وحلقات نقاش مركزة. أضافت: «للأسف يُعدن النساء أحياناً إنتاج الثقافة التي يحاولن محاربتها».
38345M20100502182352
اللافت في الاستطلاع هو النسبة العالية من المستطلعات اللواتي لم يجبن عن سؤال في شأن الأساليب التي استخدمنها لمواجهة العقبات والتحديات (65.25 في المئة)، ربما لأن فكرة المواجهة غائبة في ظل شبكة العلاقات العائلية والطائفية. وبكل الأحوال، تستحق هذه النسبة دراسةً بحدّ ذاتها، لمعرفة أسباب الامتناع عن «المواجهة».
وبينما تظهر النتائج أن نسبة المستطلعات اللواتي حضرن أكثر من 75 في المئة من جلسات المجلس البلدي هي 84.4 في المئة، أعلن 42.9 في المئة من أفراد العينة عن عدم تقدّمهن بأي مشاريع خلال فترة ولايتهن. وفي حين أعلنت نسبة 19.2 في المئة من المستطلعات وجود لجنة نسائية في المجالس البلدية، اعتبرت نسبة 80.8 في المئة منهنّ أنهنّ غير معنيات بالسؤال.
وبالرغم من ذلك، قيّمت نحو 90 في المئة من المستطلعات تجربتهن بـ«الممتازة»، «الجيدة جداً» و«الجيدة»، من دون معرفة بأي معنى وعلى أي معايير تم إطلاق التصنيفات تلك. كذلك الاستنتاجات والمقترحات، فتبدو في بعض الأحيان منفصلة عن الاستطلاع نفسه. فجاء في التقرير أنه «استناداً إلى الإجابات، نستطيع القول إن الشروط الأساسية لضمان الأداء كانت متوافرة لغالبية المستطلعات».
بقلم كارول كرباج – نقلاً عن جريدة السفير عدد 21 حزيران 2013

Tagged: , ,

Leave a comment