Category Archives: مقالات المواطن

Youth Environmental Clubs in Tripoli

01

The Youth Environmental Clubs (YEC) of Tripoli organized an event, during which students from four private schools: Al Jinan School, Islah Islamic School, Pere Carmes School, and Dar Az-Zahraa’ School, four public schools: Al Ghoraba High School for Girls, George Sarraf High School, Al Haddadeen High School for Girls, and Andree Nahas High School for Girls, and five universities: Balamand University, Beirut Arab University, Lebanese French University, and the Faculties of Law and Health at the Lebanese University presented their own environmental initiatives ideas to be implemented in their communities. The students from the twelve educational institutions were participants in this joint project, implemented by the organizations: the Lebanese center for Active Citizenship (LCAC), Development for People and Nature Association (DPNA), Utopia and Yours Association, in the North, and funded by the U.S. Embassy Beirut Local Grants Program.

02

During the students’ competition, participants from the environmental clubs proposed twelve small projects dealing with a variety of environmental problems, such as: sorting from the source, soap creation from burnt oils, a bill limiting the use of nylon bags, green roofs, eco-tourism, promotion of alternative energy, filtering drinking water and expansion of green spaces in schools.

03

After the presentation, which was attended by a number of civil society organizations and officials, the project’s jury announced the names of the three winning students’ initiatives. Each winning club will be given financial support by the project to implement his/her initiative. At the end of the event, which was held at the Sawary Hotel in Batroun, representatives of LCAC, DPNA, Utopia and Yours, distributed certificates to all participants.

04

During the next phase of the YEC project, students will organize a youth camp in the North, during which they will come up with an environmental community project, to be implemented in cooperation with the 13 educational institutions.

05

النوادي البيئية الشبابية في طرابلس

Photo01

نظمت “النوادي البيئية الشبابية” في طرابلس حفلاً جمع بين التلاميذ في أربع مدارس خاصة: ثانويات الجنان، الإصلاح، الآباء الكرمليين، ودار الزهراء وأربع ثانويات رسمية: ثانوية طرابلس الرسمية للبنات (الغرباء)، ثانوية جورج صراف الرسمية، ثانوية الحدادين الرسمية للبنات، وثانوية أندريه نحاس الرسمية للبنات، إضافة إلى الطلاب في جامعات بيروت العربية، اللبنانية الفرنسية، البلمند، وكليتي الصحة والحقوق في الجامعة اللبنانية، حيث قاموا بعرض أفكارهم الخاصة بتنفيذ مبادرات بيئية داخل المؤسسات التعليمية التي ينتمون إليها. المعلوم أن هؤلاء الطلاب كانوا قد شاركوا في مشروع بيئي مشترك بين جمعيات “التنمية للإنسان والبيئة”، “المركز اللبناني لتعزيز المواطنية”، “يوتوبيا”، و”يورز” في شمال لبنان بدعم وتمويل برنامج المنح الصغيرة التابع للسفارة الأميركية في لبنان.

Photo02

وقد تمحورت أفكار المشاريع المقترحة من قبل الطلاب حول عدد من المواضيع والمشاكل البيئية التي يعانون منها مثل: الفرز من المصدر، صناعة الصابون من الزيوت المستعملة، اقتراح مشروع قانون للحد من استعمال أكياس النايلون، الأسطح الخضراء، السياحة البيئية، التشجيع على استعمال الطاقة البديلة، تنقية مياه الشرب وزيادة المساحات الخضراء في المدارس.

Photo03

بعد عملية عرض المشاريع، والتي حضرها عدد من رؤساء وأعضاء منظمات المجتمع المدني، أعلنت لجنة الحكم عن المشاريع الثلاثة الفائزة. علماً أن كل نادٍ فائز سيحصل على تمويل من قبل المشروع لكي يتم تنفيذه. في نهاية الحفل، الذي أقيم في منتجع الصواري في البترون، قام ممثلو الجمعيات المشاركة في المشروع بتوزيع الشهادات على المؤسسات المشاركة.

Photo04

Photo05

في المرحلة التالية من تنفيذ المشروع، سيقوم الطلاب بتنظيم مخيم شبابي بيئي في الشمال، حيث سيتم اختيار مشروع بيئي يجري تنفيذه في مدينة طرابلس بالتعاون مع المؤسسات التعليمية الثلاثة عشرة المشاركة.

ندوة في طرابلس عن دور الإعلام في بناء السلام مع الإعلامية بولا يعقوبيان

01

في إطار مشروعه “شباب- تيوب من أجل السلام” (YouthTube For Peace) نظّم المركز اللبناني لتعزيز المواطنية بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال ندوة حملت عنوان “دور الإعلام في بناء السلام” مع الإعلامية والمدربة الأستاذة بولا يعقوبيان.

أقيمت الندوة في قاعة المؤتمرات في غرفة التجارة وحضرها حشد من الناشطين المدنيين والإعلاميين.

DSCN4259

إعتبرت يعقوبيان أن ما يُبث على التلفزيونات اليوم يثير الفرقة والانقسام والتعصب، والصحافي الذي يتعصب أكثر ويُسمع جمهوره ما يريدون أن يسمعونه يسير في النهاية في طريق الشعبوية. أضافت أن التلفزيونات تعمل حالياً وفق هذا المبدأ من أجل زيادة نسب المشاهدة. وأعطت مثالاً عن تغطية الأخبار في طرابلس، إذ أن خبراً عن ذهاب الأولاد إلى المدارس وتلقّيهم العلم لا يعد خبراً جديراً بالتغطية الإعلامية، بينما أي ولد صغير لو حمل بندقية فسيشكّل خبراً جديراً بالتغطية والنشر.

واختُتمت الندوة بنقاش بين يعقوبيان والحاضرين وشُكر من المركز والغرفة إلى يعقوبيان لتلبيتها الدعوة.

02

فضيحة الهدر الجمركي: مليار دولار سنوياً للمنتفعين

money_010

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الرابع والستين بعد المئتين على التوالي.

وبالتأكيد، ليس أفضل للفساد برؤوسه المتعددة، من جمهورية بلا رأس.

لا يوحي المكتب الأنيق لوزير المال علي حسن خليل، في وسط بيروت، بانه يخبئ في طياته كمّا من الفضائح، يمتد من المرفأ الى المعابر الحدودية مع سوريا مرورا بالمطار.

تحت الطاولة المكتظة بالاوراق، يقبع صندوق متوسط الحجم، لو نطق لتهاوت أسماء رنانة واصفرت وجوه معروفة.

يحوي الصندوق ملفات توثق بالارقام والوقائع مخالفات وارتكابات مالية، عابرة للطوائف والمذاهب والاحزاب والاجهزة الرسمية، بلغت معها قيمة الخسائر المترتبة على الخزينة نتيجة الفساد الجمركي حصرا 700 مليون دولار سنويا بالحد أدنى، كما يؤكد خليل لـ «السفير»، فيما ترجح تقديرات غير رسمية وصول الرقم الى حدود مليار و200 مليون دولار!

فوق مساحة الفساد هذه، يبدو «العيش المشترك» حقيقيا، بعدما تبين ان شبكات التهريب والتزوير نجحت في «صهر» أصحاب الانتماءات الدينية والسياسية المختلفة، الذين يتوزعون الادوار والاختصاصات والمرافئ والمكاسب والنفوذ.

وعليه، تضم مافيات التهريب وتزوير البيانات الجمركية في صفوفها سماسرة وتجارا ومخلصين جمركيين، محسوبين سياسيا على قوى متصارعة، لكنهم يتعاونون ويتكاملون في «السوق» ضمن شبكات منظمة، تدار بطريقة محكمة.

وقد تبين بعد التدقيق ان هناك أربع مجموعات مركزية و «مختلطة» تدير عمليات التحايل الجمركي في مرفأ بيروت (التلاعب بالرسوم والبيانات وتمرير البضائع عبر الخط الاخضر «المتسامح»..) فيما تتفرغ مجموعات أخرى للتهريب البري من سوريا واليها عن طريق معابر تجمع أيضا أنصار النظام السوري وخصومه!

أما المطار، فله شبكاته المتخصصة التي تتولى تمرير بضائع غير مصرح عنها في البيانات الجمركية المزورة، وبالتالي غير خاضعة للكشف الهادف الى التثبت من سلامتها وجودتها.

وفي المعلومات ان هناك خطين ناشطين للتهريب عبر المطار، ينطلقان من الهند والصين ويمران في دبي، كمحطة انتقالية، وصولا الى لبنان. والخطير، ان من بين البضائع المتسربة خلافا للقانون أدوية ومتممات غذائية تُستورد بشكل اساسي من الهند، في حين تُعد الصين المصدر الاساس لاستيراد الالبسة والهواتف.

ولهذه المافيات «شركاء» في الادارات الرسمية يتوزعون المهام وفق تكوين «هرمي» يبدأ من التغطية السياسية والمستوى الاعلى في الادارة ثم يتدرج ليشمل موظفين في الرتبتين الوسطى والعادية، انتهاء ببعض عناصر ومسؤولي الاجهزة الرسمية في المرافئ.

p13-01-25255-640_760435_large

ولا يتوقف «الاختراق» عند هذا الحد، إذ يُقر خليل بان مافيات التهريب والتزوير تملك مفاتيح وجواسيس داخل الجمارك، تسمح لها بان تكون أقوى من شبكات الرقابة الرسمية، وتاليا بأن تعطل مفعولها وتأثيرها.

والمفارقة في هذا المجال، ان معظم المعلومات التي يحصل عليها الوزير حول المخالفات والارتكابات لا تأتيه من الاجهزة الرقابية المختصة وإنما من «متضررين»، دفعوا ثمن صفقات المافيا او.. «انشقوا» عنها لأسباب شخصية، وهذا ما يفسر وجود رسائل لهؤلاء على مكتب خليل، تتضمن «روايات بوليسية» وأخطاء لغوية فادحة.

والمفارقة الاخرى التي تعكس حجم «الدفرسوار» الناشئ في قلب الادارة الرسمية، تسريب أخبار الى «أولياء الامر» عن نية الوزير تنفيذ «كبسات» معينة في المطار او المرفأ، قبل وقت قصير من حدوثها، ما دفعه الى تغيير تكتيكاته.

وفي إطار «التمويه»، نفذ خليل خلال الاسابيع الماضية 11 «كبسة» غير معلنة، كان آخرها السبت الماضي في مطار بيروت، حيث وضع يده مرة أخرى على بيانات جمركية مزورة، تصرّح عن بضائع مغايرة لتلك التي دخلت فعلا الى السوق، سواء من حيث النوعية او السعر.

ومن الأمثلة الصارخة على التواطؤ بين بعض التجار والموظفين، فضيحة إخراج 19 طن قريدس فاسدة، قبل اشهر، من المستودع الذي كانت تُحفظ فيه، ثم بيعها، برغم ان الفحوصات المخبرية أكدت عدم مطابقتها للمواصفات، وبرغم ان باب المستودع كان قد خُتم بالرصاص.

ويؤكد خليل ان أحدا ما فتح باب المستودع وسمح بإخراج البضاعة خلافا للقواعد الاخلاقية والقانونية. لكن القصة لم تنته هنا، لان «بطلها»، صاحب البضاعة الفاسدة، طلب لاحقا ومن دون أي خجل تخفيض الغرامة المالية بحقه والتي لا تتجاوز العشرين مليون ليرة، في حين ان المحاسبة يجب ان تكون أصلا أقسى بكثير.

وامام هذا الواقع المزري، بادر وزير المال الى إجراء تشكيلات في جسم الجمارك، هي الاوسع من نوعها، طالت 36 مراقبا و34 ضابطا و845 خفيرا ورتيبا، موضحا انه مصمم على تكرار التشكيلات دوريا بمعدل مرة كل شهرين ونصف شهر تقريبا، «لان بعض المراكز والدوائر باتت «محميات» للموظفين الذين يشغلونها، ما أدى الى استشراء الفساد»، كما كشف عن وجود 17 إحالة من قبله الى القضاء.

وأكد خليل انه يسعى في الوقت الحاضر الى إرباك المتورطين في المافيات الجمركية وعدم منحهم فرصة لالتقاط الانفاس، وصولا الى ضبط عمليات التهريب وتخفيف الهدر المالي، وذلك في انتظار نضوج الحلول المتوسطة والطويلة

المدى.

بقلم عماد مرمل

عن جريدة السفير، عدد 12 شباط 2015

وزير الصحّة يفضح المزيد من المؤسسات: أين النيابات العامّة؟

منذ ثلاثة أيام أعلن وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور للبنانيين لائحة تضم 38 فرعا في المناطق لمؤسسات تقدّم أصنافاً من الأغذية غير المطابقة للمعايير الصحية، كاشفاً أن البعض منها يحتوي على البراز. أمس عاد ابو فاعور ليزيح الستار عن لائحة أخرى، كان قد أفصح سابقاً عن أنها ستُخصص لمؤسسات داخل بيروت الإدارية، إلا أنها جاءت مغايرة لذلك

tips_to_avoid_food_contamination_1359158874

18 اسماً جديداً أضاف أمس وزير الصحة وائل أبو فاعور إلى «اللائحة السوداء»، واعداً المواطنين بأسماء أخرى كلّما وصلت إلى الوزارة نتائج عينات جديدة. أثناء المؤتمر الصحافي كانت قوى الأمن الداخلي قد تسلمت تعميماً بالمؤسسات المخالفة، وبدأت تحركها بإقفال الأقسام التي تحتوي على أطعمة فاسدة، حتى تصحيح وضعها، فكانت الحصيلة تنظيم 32 محضرا من أصل 39 لوقف العمل في الأصناف غير المطابقة، والعمل جار لاستكمال ما تبقى من مؤسسات مخالفة.

البكتيريا التي وُجدت في بعض الأصناف هي الـ»إيشيريشيا كولاي»، «سالمونلا»، «ليستيريا»، «بكتيريا لا هوائية مختذلة للكبريت» و»مكوّرة عنقودية ذهبية». يشرح رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور زهير برو أن الـ «ليستيريا» هي الأخطر، وتعلن الدول من جرائها حالة الطوارئ. مصدر هذه البكتيريا الماعز، ويمكن أن تنتقل بسهولة بين الحيوانات لتصل إلى الألبان والأجبان وتسبب الإجهاض للحوامل. أما «الإيشيريشيا كولاي»، فهي المرادف العلمي لمياه المجارير والبراز، و»السالمونلا» مصدرها ريش الدجاج والعظام. يقول برو إن تكرار تناول هذه البكتيريا يؤدي الى أمراض السرطان، وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية الى أن حالات الوفاة نتيجة الاصابة بمرض السرطان ارتفعت في لبنان بنسبة 40% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، كما أن حوالى 80% من أسباب دخول المستشفيات تعود الى الجهاز الهضمي. الغريب في الأمر أن مجلس الوزراء تطرّق عرضيا إلى كل هذه المخاطر، ولم يفتح ملف السلامة الغذائية جدّيا، بل إن مصدرا وزاريا قال إن وزراء الصحة، الاقتصاد والسياحة اتفقوا فيما بينهم على الاجتماع يوم الاربعاء المقبل لمناقشة الموضوع.
أبو فاعور الذي تعرّض لانتقادات كثيرة على الاسلوب الذي اعتمده، قال انه لن يرتدع عن إعلان أسماء كافة المؤسسات المخالفة، وأعلن بصراحة أنه لن يؤخذ «بترهيب أو ترغيب أو زجر أو صوت عال أو أموال. إننا ننفذ القانون ومستمرون في الحملة حتى النهاية. وإذا تدخل أحد لمنع قوى الأمن من القيام بعملها فسأكشف ذلك للجميع». كلامٌ مهم وجريء، إلاّ أن الجميع يعلم -وأبو فاعور أيضاً- أن اللوائح التي أُعلنت (وستعلن) تستهدف فئة من الناس لديها نفوذها ومرجعياتها الحزبية والطائفية التي لن تقف مكتوفة الأيدي، وما تصريحات بعض الوزراء سوى دليل واضح على أن الأمور لن تُكمل على ما هي عليه.
عندما قرّر أبو فاعور نشر أسماء المؤسسات المخالفة، تقصّد فضحها كي لا تحصل أي عمليات تهرّب، أو على الأقل كي يعلم الرأي العام أنها مخالفة حتّى لو تمكن البعض منها من الإفلات من العقاب. فهو وجّه أسئلةً للوزراء الذين رأوا أن ما فعله تشهير قائلاً «هل يعلم البعض أن هناك مؤسسات أنذرناها ثلاث مرات، وأغلقنا أقسامها المخالفة، ولم نصل إلى أي نتيجة، لأنها أقوى من الدولة؟ هل يعلمون كمية اللحوم التي وجدت في النفايات في اليومين الأخيرين؟ هل المطلوب أن تطعم بعض المؤسسات الناس أطعمة فاسدة، ولا يشهّر بإحداها؟». من هنا تبدأ التساؤلات عن الطريقة التي اتبعها أبو فاعور في كشف الفساد، وهنا لا نقصد التشهير، إذ إن التشهير يصبح واجباً عندما تتلاعب المؤسسات بصحة المواطن، بل على العكس، أحسن أبو فاعور بفتح باب الحق بالتشهير بالمخالفين، إلا أنه فتح على نفسه أيضاً باباً ضخماً من التشكيك والتدخلات والضغوط السياسية، التي لن يستطيع أن ينفذ منها مهما كان جدياً في خطته، وهو ما سيعرقل الخطوة الجريئة التي بدأ بها. لماذا لم ينتظر أبو فاعور صدور كافة النتائج ليعلنها مرة واحدة، قاطعاً بذلك الطريق على أي تسويات وتدخلات؟ كما أن وجود كميات هائلة من اللحمة المرمية في النفايات نتيجة إعلان اللائحة الأولى، يعني أن هناك مؤسسات تمكّنت من التخلص من أطعمتها الفاسدة، فهل هذا يعني أنها تمكنت من النفاذ من التشهير؟ كان من الأجدى لو أصدر الوزير تقريرا متكاملا يشرح فيه بالتفصيل المنهجية والمعايير والطريقة التي اتبعتها الوزارة، يعلن فيه أسماء جميع المؤسسات المخالفة ويتخذ الإجراءات بحقها، عوض نشر أسماء عدد من المؤسسات كل فترة، ما يفسح المجال على نحو كبير للتشكيك في صحة هذه النتائج والتلاعب بها كما يتهمه البعض. فأغلبية المؤسسات التي ذُكرت على اللائحتين أطلقت عدداً من التساؤلات المنطقية التي يجب الوقوف عندها وتوضيحها من قبل وزارة الصحة: لماذا تقوم الوزارة باختيار عينات عشوائية لفحصها ولا تأخذ عينات من جميع المواد الغذائية، إذا كان يهمّها فعلاً صحة المواطن؟ كيف نُقلت هذه العينات، وهل خضعت للتبريد اللازم عند نقلها، وما المدة الفاصلة بين أخذ العينة وفحصها؟ كيف يكون في بعض المؤسسات صدر الدجاج غير مطابق للمعايير، بينما فخذ الدجاج مطابق، بالرغم من أن الدجاجة قبل تقطيعها آتية من المصدر نفسه، وموضوعة في البراد نفسه؟

food_poisoning

إذا كان الجميع يعترف بالتلوث الحاصل في مسلخ بيروت وصيدا وبعض المزارع، فلماذا لا يحاسَب المصدر (ولا سيما كبار المستوردين وتجار الجملة)، ويُحاسب تاجر المفرق معا؟ وهو ما طرحه زهير برو بقوله إن «الرقابة آخر السلسلة، بينما الإنتاج السليم هو الأساس، وبالتالي يجب الالتفات إلى مصدر الغذاء، مثل مسلخ بيروت والمزارع «. تحدث أبو فاعور أمس عن أن الخطة ستشمل مسلخ بيروت وغيره من المسالخ من بينها مسلخ صيدا. أما بالنسبة إلى استخدام مياه المجارير في ري الخضر وتلوث المياه، فأشار إلى خطة شاملة سيعمد وزير الزراعة إلى عرضها. كذلك برزت تساؤلات عدة عن مصير بعض أطباء الوزارة في الأقضية والمراقبين الصحيين، الذين اتهمهم أبو فاعور بالفساد والتقصير، حيث أنه إلى الأمس لم يُحل أي منهم إلى التفتيش المركزي، والنيابة العامة. كل هذا يهدّد شفافية اللوائح المعلنة، وخصوصاً مع عدم معرفة أحد عدد المؤسسات المتبقية، بعدما أوحى أبو فاعور في مؤتمره الأول بأن النتائج خارج بيروت اكتملت وأُعلنت، ليتضح أمس أن العينات لا تزال تتوافد من مؤسسات في الشمال والجنوب وبعبدا، وغيرها من المناطق. يبرر الوزير البطء في ورود النتائج بأن المفتشين يرسلون يوميا 200 عينة إلى مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، التي يمكنها استيعاب 150 عينة فقط، إضافة إلى ذلك يشارك معهد البحوث الصناعية في إجراء الفحوص ومصادر من داخل المعهد تشير إلى أن المعهد أصدر نتائج سلبية لمؤسسات مختلفة خلال هذين اليومين، لم يعلنها أبو فاعور إلى اليوم.
يمكن للقضاء أن يؤدي دوراً مهماً في هذه الفضيحة إذا أراد. فالنيابة العامة التمييزية تستطيع اعتبار تصريحات وزير الصحة بمثابة إخبار، لكنها تحتاج الى مساعدة من الجهات المعنية لتشخيص الجرم أو المخالفة الواقعة وتقديم الملف كاملا، وفق المحامي بول مرقص، الذي اوضح أنه إذا تحركت النيابة العامة فهي لن تجري تحقيقاً جديداً بل ستستند الى تحقيقات وزارة الصحة باعتبارها جهة حكومية رسمية، ويحق لها إغلاق المحال المذكورة بالشمع الأحمر كتدبير احترازي حتى صدور الحكم النهائي.

بقلم إيفا الشوفي – نقلاً عن جريدة الأخبار
عدد 14 تشرين الثاني 2014

الإضراب في قانون العمل اللبناني حق لكل مواطن… لكن بضوابط!

تصدّرت واجهة الأحداث في الآونة الأخيرة أخبار هيئة التنسيق النقابية والإضرابات المتتالية التي نفذتها للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب لأساتذة التعليم الرسمي ولموظفي القطاع العام.

من دون شك، فإن الإضراب يعدّ مظهراً من مظاهر الحرية النقابية في لبنان. لكن الحق في الإضراب ليس مطلقاً، إذا أن العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية يشترط ممارسة الإضراب وفقاً للقوانين المحلية في الدولة. كما أن القانون اللبناني عمل على حماية انتظام سير المرافق العامة ذات الأهمية للحياة اليومية للمواطنين مثل مرافق النقل والمواصلات البريدية والتليفونية ومرافق المياه والكهرباء.

 Main Pic 3

يعني الإضراب قيام العمال أو الموظفين العامين أو أصحاب المهن بالتوقف المؤقت عن العمل بشكل جماعي كوسيلة ضغط تهدف إلى تحقيق أهدافهم.

وتختلف الأسباب والظروف التي تؤدي للجوء إلى الإضراب، لكن الإضرابات عادة ما يتم اللجوء إليها إثر فشل أو تعثّر التفاوض الجماعي كوسيلة ضغط على أصحاب العمل أو الدولة.

ويُعتبَر الإضراب بمثابة السلاح الذي يلجأ إليه العمال إثر فشل كافة وسائل الإقناع والتسوية للمطالبة بالحقوق العمالية المحقة والمشروعة وفقاً للطرق التفاوضية. ويمكن تعريف الإضراب بأنه توقف العمال الجماعي عن العمل بقصد الضغط على رب العمل من أجل تحسين شروط العمل، وهو ردة فعل لإعادة التكافؤ بين فئتي مجتمع العمل: الأجراء وأرباب العمل.

ويُرجع البعض صدور قانون العمل اللبناني في 23 أيلول 1946، إلى حد ما، نتيجة للإضراب الذي أعلنه إتحاد النقابات المستقلة اعتباراً من 20 أيار 1946، للمطالبة بالحقوق العمالية وحمايتها. كما أن الاضرابات التي حصلت في بداية الستينات هي من الأسباب الرئيسية التي ساهمت في صدور قانون عقود العمل الجماعية والوساطة والتحكيم في 2 أيلول 1946.

 

 

الحقّ في الإضراب من الوجهة القانونية

 

يُعتبَر الإضراب من أهم حقوق العمال، وقد نصت عليه العديد من الدساتير والتشريعات الدولية، فعلى سبيل المثال أجازت المادة 31 من الميثاق الإجتماعي الأوروبي للعمال حق اللجوء إلى الإضراب، كذلك نصّت الإتفاقية العربية بشأن الحقوق والحريات النقابية على أن “للعمال حقّ الإضراب للدفاع عن مصالحهم الإجتماعية والإقتصادية بعد استنفاد طرق التفاوض القانونية لتحقيق هذه المصالح”.

وبالرغم من عدم وجود نص صريح يشير إلى حق الإضراب في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 إلا أن العديد من مواده تضمنت حقوق الإنسان في مجال التنظيم النقابي وحق العمل وضمان مستوى المعيشة للعمال بما يكفي لضمان الصحة والرفاهية لهم ولأسرهم وغيرها من النصوص ذات العلاقة.

على صعيد القانون اللبناني، لم ينصّ الدستور اللبناني على حق الإضراب، على الرغم من تطرّقه إلى العدالة الإجتماعية. أما قانون العقوبات اللبناني الصادر سنة 1943 فقد حرّم الإضراب في المواد 340 إلى 344 تحت عنوان “جرائم الإغتصاب والتعدّي على حرية العمل” معتبراً أن التوقف عن العمل من قبل المستخدَمين أو العمال بقصد الضغط على السلطات العامة أو احتجاجاً على قرار أو تدبير صادرين عنها، جريمة يعاقَب عليها بالحبس أو بالإقامة الجبرية والغرامة. ولم يتعرّض قانون العمل الصادر سنة 1946 لموضوع الإضراب. لكن قانون عقود العمل الجماعية والوساطة والتحكيم الصادر سنة 1946 ألمح إلى الإضراب من دون أن يصرّح به حيث أوجب اللجوء إلى التحكيم بعد انقضاء خمسة عشر يوماً على الأقل من تاريخ التوقّف الجماعي عن العمل بسبب النزاع. كذلك تعرّض القانون ذاته للتوقف غير الشرعي عن العمل من قبل الأجَراء أو أرباب العمل بسبب نزاع عمل جماعي قبل مرحلة الوساطة وفي أثنائها، كما في أثناء مرحلة التحكيم وبعد صدور قرار التحكيم لمعاكسته أو الإحتجاج عليه، فيكون حقّ الإضراب قد أُعطي ليس للأجَراء وحسب، بل كذلك لأرباب العمل. إلا أنه ووفقاً للمفهوم الإجتماعي، نكون أمام إضراب في حال توقف جماعة في مركز التبعية تجاه سلطة-إدارة معينة عن العمل، للحصول على المزايا التي تطالب بها من السلطة-الإدارة ذات العلاقة.

 

شروط الإضراب

 

1- التوقف عن العمل: يفترض الإضراب توقف العمال عن العمل من دون رضا صاحب العمل، ومن دون تنفيذ التزاماتهم الناشئة عن عقد العمل. وبذلك يُعتبَر التوقف عن العمل الشرط المادي للإضراب. ويقتضي أن لا يكون هذا التوقف لمدة طويلة، بل مؤقتاً من جهة، ومقصوداً ومدبّراً من جهة ثانية.

فالتوقف عن العمل يجب أن يكون مؤقتاً، لأن الغاية التي يتوخاها العمال من الإضراب هي تنبيه رب العمل إلى مطالبهم، ما لا يستلزم الإمتناع عن العمل لمدة طويلة. فقد يقع الإضراب لفترة قصيرة (ساعات فقط)، إلا أن هذه المسألة هي مسألة نسبية، فثمة إضرابات تدوم أياماً وأسابيع، في حين لا تدوم أخرى سوى ساعات فقط.

ولكن ما هي المدة القصوى التي يُعتبَر فيها الإضراب مشروعاً؟

حسب مواد قانون عقود العمل الجماعية والوساطة والتحكيم فإن المدة المسموح الإضراب فيها قانوناً هي الفترة الواقعة ما بين انتهاء مرحلة الوساطة وابتداء مرحلة التحكيم، وهذه الفترة هي 15 يوماً على الأقل. ومن جهة ثانية يجب أن يكون التوقف عن العمل مقصوداً ومدبّراً، فإقدام الأجَراء على الإضراب يجب أن يكون له طابع القصد في التوقف عن العمل بشكل صريح وواضح ورضائي. وهذا الرضا بالتوقف عن العمل ليس مفترضاً أو ضمنياً، بل هو رضا صريح مظهره الإيجابي التضامن القائم بين العمال، والهادف إلى تعليق العمل بغية التوصل إلى شروط معينة.

 

2- الطابع الجماعي: التوقف عن العمل الذي يمكن اعتباره إضراباً هو التوقف الجماعي. إنما لا يستلزم ذلك أن ينقطع العمال جميعاً ولا أغلبهم عن العمل، ولا أن يصدر به قرار من نقابتهم، بل يكفي أن ينقطع نفر منهم عن العمل ولو كانوا أقلية. أما حول الحد الأدنى من عدد العمال المتوقفين عن العمل الذي يصح إعطاؤه وصف الإضراب، فقد اعتبر الفقه اللبناني أن مفهوم الجماعة يتجاوز أجيرين اثنين، وحدد قانون عقود العمل الجماعية والوساطة والتحكيم أحد شروط النزاع الجماعي بأن يكون أحد طرفيه جماعة من الأجَراء. وسواء كانت الجماعة المضربة كبيرة أم صغيرة، فإن المهم على هذا الصعيد هو أن تجمع أكثر من أجيرين ليصح النظر إلى توقف هؤلاء عن العمل كإضراب بمعناه القانوني.

 

3- الهدف المهني: يُعتبَر الإضراب محدداً بغايته، لأنه وسيلة جماعية في يد العمال للضغط على أصحاب العمل بقصد تحقيق مطالب إجتماعية تتعلق مثلاً بزيادة الأجور أو بإنقاص ساعات العمل. فالإضراب هو أداة كفاح للحصول على مزيد من الحقوق، التي يُعتبَر تحقيقها رهناً بوجود المطالب، ما يقتضي أن يبقى الإضراب مهنياً، أي أن يرمي إلى تحسين شروط العمل. وهذا الهدف المهني هو ما حدّده المشترع عندما حصر غاية النقابة في الأمور التي من شأنها حماية المهنة وتشجيعها ورفع مستواها أو الدفاع عن مصالحها والعمل على تقدّمها من جميع الوجوه الإقتصادية والصناعية والتجارية. بينما يحظّر على النقابات الإشتغال بالسياسة والإشتراك في اجتماعات وتظاهرات لها صبغة سياسية. وبالتالي، يكون الإضراب مهنياً عندما يهدف إلى تحسين واقع حال عقود الإستخدام للأجَراء وبقاء المضربين كأعضاء في مجتمع مهني يسعى إلى تحسين أوضاعه لا خروجهم عنه.

 

صور الإضراب

 

ثمة صور مختلفة للإضرابات هي:

1- الإضرابات المتقطعة: يضرب الأجَراء على مراحل متتابعة ومتلاحقة.

2- الإضرابات الدوّارة: وهي التي لا تشمل وحدات المؤسسة جميعها بل تنتقل بالتناوب من وحدة إلى وحدة أخرى، بقصد المحافظة على استمرارية الإضراب من جهة، وعدم حرمان العمال من كل أجورهم من جهة ثانية.

3- الإضرابات الإنسدادية: وتقتصر على توقف عمل الفئة الرئيسية من العمال، وهي كفيلة بوقف دورة الإنتاج في المؤسسة نظراً لأهمية هذه الفئة في تسيير العمل وتنظيمه وإدارته.

4- الإضراب المقنّع: حيث يعمد الأجَراء إلى التظاهر بالقيام بالعمل، وهذا النوع لا يتمتع بالصفات القانونية للإضراب، ولا بشروطه، بل يُعتبَر إخلالاً من الأجير بموجباته.

5- الإضراب السياسي: يُعتبَر الإضراب سياسياً إذا أُعلن احتجاجاً على سياسة الحكومة الخارجية أو الداخلية من دون أن يكون لهذه السياسة أثر مباشر على حقوق العمال. ومع أنه يمكن اللجوء إلى وسائل سياسية لتحقيق أهداف مهنية، فإنه لا يجوز اللجوء إلى وسائل مهنية لتحقيق أهداف سياسية.

6- الإضراب التضامني أو التعاطفي: وهو امتناع العمال عن العمل لتأييد مطالب عمال آخرين، وهو يُعتبَر مؤشراً على تعاطف الأجَراء في ما بينهم لتشكيل قوة ضاغطة في مواجهة رب العمل. فإذا كان الإضراب التضامني في خدمة فئة من الأجَراء ضمن المؤسسة عينها، يُعتبَر مشروعاً. أما إذا كان التضامن مع أجَراء في مؤسسة أخرى أو في قطاع آخر فإن ثمة قرينة على أن هذا الإضراب غير مشروع، إلا إذا تبين أن ثمة جوامع مشتركة بين المُضربين أصلاً والمضربين تضامناً.

 

أنواع الإضراب

 

يختلف الإضراب من حيث النوعية، فإما أن يكون علنياً بامتناع العمال عن العمل بشكل كلّي أو باطنياً من خلال التباطؤ في العمل رغم استمراره.

ويختلف من حيث الكيفية، فإما أن يكون اعتيادياً يتمثل بالإمتناع عن العمل فقط وقد يصاحبه اعتصام في موقع العمل.

ويختلف من حيث المدى فقد يكون إضراباً عاماً وشاملاً لجميع العاملين في أنحاء البلد، وعادة ما تقوم النقابات بمثل هذه الإضرابات، أو جزئياً لفئة محددة أو منشأة معينة ويحصل عند إضراب جزء محدد من العاملين. وقد يكون الإضراب مؤقتاً بمدة محددة قصيرة أو طويلة أو يكون مفتوحاً لحين تحقيق مطاليب المُضربين.

ويختلف الإضراب من حيث الباعث، فقد يكون مهنياً للمطالبة ببعض الحقوق المهنية كزيادة الأجور أو تقليل ساعات العمل، وقد يكون الباعث إقتصادياً وفي هذه الحالة يكون الإضراب شاملاً لقطاعات واسعة احتجاجاً على إجراءات الدولة كفرض الضرائب أو اعتماد سياسة إقتصادية معينة تضرّ بالمجتمع.

وقد يكون الإضراب للتضامن مع فئة أخرى من المُضربين دعماً لهم، وقد يكون الإضراب سياسياً رداً على موقف معين من الدولة في المواقف السياسية أو لتلبية بعض المطالب السياسية.

 

من هنا يمكن تصنيف الإضرابات وفق لمعيارين رئيسيين:

1- الإضراب المشروع: يُعتبَر الإضراب مشروعاً وقانونياً إذا كانت غاياته الحصول على مطالب مشروعة أو الدفاع عن مصالح المهنة بمعزل عن أي اعتبار آخر. ولكي يُعتبَر الإضراب مشروعاً يجب أن يتحقق فيه شرطان أساسيان: الأول شكلي، والثاني موضوعي.

– الشرط الشكلي: أن يكون الإضراب واقعاً بين الوساطة والتحكيم، وهذه الفترة هي 15 يوماً على الأقل، تبدأ من تاريخ إعلان فشل الوساطة وتنتهي عند بدء مرحلة التحكيم.

– الشرط الموضوعي: أن تكون غاية الإضراب مهنية، أي الحصول على مطالب مشروعة أو الدفاع عن مصالح المهنة، وكذلك يجب أن يكون الإضراب ناشئاً عن نزاع عمل جماعي.

2- الإضراب غير المشروع: وهو الذي لا تكون غايته المطالبة بتحسين شروط المهنة، ولا يلتزم الفترة التي حددها القانون، أي بعد مرحلة الوساطة وقبل بدء مرحلة التحكيم.

المواطنية هي ممارسة يومية وليست حصة دراسية هل ما يزال الحس المواطني موجوداً في لبنان؟

Main Pic

إذا كانت المواطنية هي انتماء شعب بكل أفراده إلى وطن، فإننا نلاحظ اليوم تفاوتاً كبيراً في مفهوم الشعب لهذا الانتماء وإلى الوطن لبنان. فمنهم من يريد الوطن على قياس انتمائه السياسي ليجعل منه ساحة ويربطه بمحاور وصراعات لا يقوى على حملها، ومنهم من يريده كياناً مميزاً قائماً في ذاته ومتعاوناً مع البلدان الأخرى التي تحترم سيادته ونظامه وخصوصيته. من هنا فلا عجب إذا دار الحديث اليوم عن شعوب لبنانية متنافرة لا عن شعب موحد. وهي مشكلة قد تكون مرتبطة بظروف سياسية معينة، ولكنها أيضاً مرتبطة بمفهوم الشعب والوطن والكيان نفسه.

 

عندما يتعاظم الانقسام ويتخذ أشكالاً طائفية لها امتداداتها الخارجية، يضعف الولاء الوطني ويقوى الولاء الطائفي بكل أشكاله. وينعكس ذلك سلباً على الدولة نفسها التي عليها وحدها أن تكون الضامن الأول لحقوق المواطنين والمحافظة على مصالحهم. غير أن الواقع يدل إلى شل قدرة الدولة وتعطيل مؤسساتها وسلب مواردها، لإظهارها وكأنها عاجزة عن القيام بما هو مطلوب منها. والبدائل كثيرة، منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي.

 

مبادئ المواطنية الصالحة

 

إن تكوين المواطنية الصالحة هو السبيل الوحيد لبناء مجتمعٍ سليم ووطنٍ معافى. والتربيةُ المدرسية تشكل الاساس في هذا البنيان، لكنها غير كافيةٍ وحدَها لتشكيله، بل لعلها تذهب هباءً ما لم تؤازرْها تربيةٌ مماثلةٌ في الاسرة والمجتمعَ بكل مؤسساته الرسمية والأهلية، ولا سيما في الإعلام بما له من سطوة في عالمنا المعاصر في تكوين الرأي العام وتطويعه.

غير ان هذه التربية على المواطنية، ولكي تكون مفيدة ومنتجة فلا تؤدي الى نتائج عكسية، ينبغي ألا تعتمد على التلقين بل على إعطاء النموذج في السلوك، وهذه التربية على المواطنية تقوم برأينا على أفكارٍ أساسية خمس.

أولاً : الولاء للوطن والخروج من الولاءات الوسيطة أو المظلات الواقية أو البديلة كالولاء للطائفة أو الحزب أو العائلة أو العشيرة التي تحجب علاقة المواطن بالدولة وتلغي هذا الارتباط المباشر بين الفرد والدولة.

والولاء للوطن يتعدى الانتساب الى الوطن بحمل جنسيته الى المشاركة في البناء الوطني وفي الحياة السياسية وصنع القرار.

ثانياً : إقامة دولة القانون، فالمواطنية الحقة لا تنمو أو تعيش إلا في كنف دولة القانون والمؤسسات التي تقوم على خضوع الحاكمين والمحكومين على السواء للقانون، وعلى تحديد أداء الفرد لدوره في إطار المؤسسة والتماهي معها لا في شخصنة المؤسسة وطغيان الفرد عليها.

ثالثاً : فكرة المساواة، فاحترام القانون والمؤسسات متلازم مع مبدأ المساواة امام القانون وهو كما يقول أحد كبار مؤسسي الفقه الدستوري الحديث العميد ليون دوجي، ليس حقاً متميزاً عن سائر الحقوق بل هو ضمانةٌ قانونيةٌ للتمتع بسائر الحقوق، فعبثاً نُلقِّن ناشئتنا قيم المواطنية في نظام لا يؤمن المساواة بتكافؤ الفرص بين المواطنين.

رابعاً : فكرة الحرية، والمساواة لا قيمة لها ما لم تقترن بالحرية، فالحرية هي المجال الخصب الذي تتبلور فيه الشخصية الانسانية وتتفتح فيه المواهب وطاقات الانسان، وكما لا يسأل الانسان في دولة القانون عن عمله غير المستند الى إرادته الحرة الواعية كذلك لا فضل للمرء في أي عملٍ لا يكون نابعاً من ذاته ومن قناعاته، ولا معنى ان نلقن اطفالنا وشبابنا مبادئ الحرية ونحن نجعلهم يعيشون في عبودية فكرية أو اجتماعية أو اقتصادية، فالحرية هي حق الاختيار، والحرية مرادف للكرامة الانسانية، وهي تعني تحرر الانسان من التبعية والاستزلام والوصاية، وهي تعيش وتنمو وتتبلور في كنف القانون، ولا تعيش في الفوضى ولا تعني التفلت من الضوابط بلا حدود، ولذلك جاء في الاعلان الفرنسي لحقوق الانسان والمواطن ان قوام الحرية هو عمل كل ما لا يضير الغير ولا حدود لممارسة الحقوق إلا ما يضمن لاعضاء المجتمع الآخرين ممارسة هذه الحقوق ذاتها.

خامساً : فكرة الديمقراطية، فالحرية والمساواة لا يكفلهما إلا نظام سياسي ديمقراطي يقوم على الاختيار الدوري الحر للحكام والتناوب السلمي على السلطة ، فليس لأحد حق ذاتي في السلطة والحكم شأن يخص الجميـع، وينبغي ان يحظى بموافقة الجميع، ولا فائدة من تربيـة أجيالنا الطالعة على المواطنية الصالحة ما لم نُهيء لهم مناخاً من المشاركة الديمقراطية في مؤسسات المجتمع المدنـي والحكم المحلي وصولاً الى السلطة الوطنية”.

2

واجبات الدولة لتعزيز المواطنية

 

إن المواطنية ليست تعليماً فقط بل ممارسة، وليست وقفاً على المدرسة بل تنبع أيضاً من البيت والمجتمع نفسه. غير أن واجبات جوهرية تقع على الدولة في هذا الخصوص،ويمكن تلخيصها بأربعة:

  • التمييز الصريح، حتى حدود الفصل، ما بين الدين والدولة، بدلا من اختزال الدين في السياسة أو تأسيس السياسة على منطلقات دينية لها صفة المطلق.
  • الإنسجام ما بين الحرية التي هي في أساس فكرة لبنان، والعدالة القائمة على المساواة في الحقوق والواجبات، التي من دونها لا يقوم عيش مشترك.
  • الإنسجام ما بين حق المواطن الفرد في تقرير مصيره وإدارة شؤونه ورسم مستقبله، وحق الجماعات في الحضور والحياة على اساس خياراتها.
  • الإنسجام ما بين استقلال ونهائية كيانه، وانتمائه العربي وانفتاحه على العالم.

 

لقد أصبح المطلب ملحاً بقيام دولة مدنية حقيقية في لبنان، قائمة على أسس مرتكزة على التربية المدنية، والقيم التي ترعى مقومات التنشئة على المواطنية الصالحة، الصادقة والفاعلة، من أجل قيام وطن بكل معنى الكلمة.

 

ه.خ.

طرقات لبنان تحوّلت إلى غابات من اللوحات الإعلانية. هل تراعي اللوحات الإعلانية الشروط الفنية ومعايير السلامة؟

Main Pic 7

تُعتبر الإعلانات من أقوى أنواع الدعاية في تاريخ الإنسان، وهي تُعدّ من أقوى التأثيرات الثقافية في الوقت الحاضر. كما أصبحت ثقافة الإعلان من أساس الثقافة التجارية التي اجتاحت معظم دول العالم. ومن ضمنها لبنان، حيث تشكّل اللوحات الإعلانية الناطق الفعلي بلسان حال الشارع. إنها، بمعنى ما، مرآة المجتمع الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والإنتخابية، وحتى العاطفية.

وتكاد الحاجة إلى الإعلان تكون مَرضيّة أحياناً. فالكل يحتاج إلى أن يعلن عن سلعه وأفكاره وطموحاته ومشاريعه المستقبلية، أفراداً كانوا أو جماعات، شركات أو مؤسسات أو جمعيات، أحزاباً أو تنظيمات.

لم يتخذ الإعلان الشكل الترويجي المتعارف عليه في عالم التسويق إلا بعد انتهاء الحرب اللبنانية الطويلة. فاستراحت الجدران من ثقل الكتابات والشعارات السياسية، وامتنعت عن استقبال صور القادة السياسيين والزعماء المبجّلين، وذلك بعدما وُزّعت اللافتات الإعلانية المرخّصة من بلديات المناطق على جنبات الطرق، وإن في شكل لا يخلو من العشوائية والفوضى. وتنوّعت مضامين الإعلانات مع طغيان الطابع الإستهلاكي والغاية الترويجية.

تنحيف وتجميل، طبخ وأناقة وجمال، سحق أسعار وتنزيلات بالجملة. وحجز المطربون ومن لفّ لفّهم لافتاتهم الخاصة ليؤكّدوا وجودهم على الساحة. ولم يغب المعلنون السياسيون، بل إنهم يحجزون لوحاتهم الخاصة عندما تقتضي الظروف والمناسبات. هذا بعض مما تحفل به اللوحات الإعلانية المنتشرة أينما كان وكيفما كان.

ولكن يبقى التساؤل قائماً، هل تتقيد كافة اللوحات الإعلانية بمعايير الأمن والسلامة العامة؟ وهل تراعي المعايير الأخلاقية والذوق الإجتماعي؟

في سنة ١٩٩٦ صدر مرسوم تنظيمي لقطاع اللوحات الإعلانية على الطرقات رقمه ٨٨٦١. المرسوم كرّس شرعية وجود اللوحات الإعلانية، متضمناً فقرات واضحة عن المواقع المسموح وضع الإعلانات فيها كما لحظ حجم الإعلانات والمسافات التي تفصل بينها. وهي تفاصيل تهدف فيما تهدف للحفاظ على جمالية البلد مع مراعاة تنظيم سوق الإعلانات الذي لا يقلّ حجمه عن ٤٥٠ مليون دولار تشكّل الملصقات ١٦% منه. إلا أن شيئاً منها لم ينفّذ فيما عدا في بعض البلديات، مثل بيروت وجونية مثلاً، علماً أن المرسوم تم توقيعه من عدد كبير من الوزارات وهي: العدل والداخلية والبيئة والأشغال العامة، ما يعني أنه تم قبوله.

ولكن في ظل استشراء فوضى اللوحات الإعلانية على الطرقات في لبنان يصبح ملحّاً السؤال: أين أصبح هذا المرسوم ولماذا لا يطبّق؟ فاللافتات تحوط المواطن كيفما وقع ناظريه يمنة أو يسرة، في وسط الطريق وعلى جانبيها، على الأوتوستراد، في الطرقات العريضة أو حتى في الزواريب. الإعلانات اجتاحت لبنان وشغلت كل الأماكن الفارغة فيه، وإن لم تجد مكاناً لها فرضت نفسها فوق إعلان آخر!

ولكن من المسؤول عن حالة الفوضى المستشرية؟

المعلنون، وزارة الداخلية والبلديات، أصحاب شركات الإعلان، كلهم معنيون من قريب أو من بعيد. الفوضى تتفاقم من دون حسيب أو رقيب. والكل يُجمع على ضرورة إيجاد حل سريع لها.

فوضى اللوحات الإعلانية

لا شك أن وضع أي إعلان على الطرقات السريعة يجب أن يأخذ بعين الإعتبار مسألة سرعة التنقل، إذ يجب على شركات الإعلان أن تراعي خلال وضع الإعلان على الأوتوستراد سرعة قيادة المستهلك المحددة بـ٨٠ كلم في الساعة كمعدل عام وهي فترة لا يمكن خلالها للسائق أن يقرأ أكثر من 4 كلمات لأن هناك حداً معيناً من الإدراك.

لكن الواقع على طرقات لبنان مختلف، فاللوحات الإعلانية مبعثرة على الطرقات: فوق المباني وبين أوتوسترادي الذهاب والإياب وعلى الأعمدة وفوق الجسور. وهناك، على سبيل المثال، نحو ألفي لوحة إعلانية من مختلف المقاييس بين منطقتي الدورة ونهر الكلب! عدد غير قليل منها غير مرخّص، ويحتوي بعضها أيضاً على أرقام هاتفية، يحاول المستهلك أثناء القيادة قراءتها أو تسجيلها، ما يتسبب في شروده الذي ينتج عنه حوادث سير في بعض الأحيان.

وإذا كانت الإعلانات في أميركا تغزو الطرقات والأبنية من دون أن تخرق القانون، فذلك لأن الجهات المعنية تجري دراسات تحدّد مكان وضع الإعلان. أما في لبنان فإن معظم الأمكنة التي توضَع فيها الإعلانات غير مناسبة. كما أن المحتوى لا يناسب أبداً الإعلان الخارجي الذي يجب أن يكون هدفه التكرار فقط. إذ أن تكرار الإعلان نفسه غير مرة يجعل المستهلك يحفظه عن ظهر قلب، غير أن هذا التكرار إن لم يكن مدروساً يفقد الإعلان هدفه الأساسي وتكون ردّة فعل المستهلك تجاهه عكسية ويستحيل بعدها أن يركّز على إعلان معين حتى يصل به الأمر إلى رفض الإعلان.

كما أنه من المناسب أن يقدّم المعلن نفسه بطريقة سلسة ومبسّطة وأن لا يقوم عبر إعلانه باقتحام خصوصية الفرد وغزوه لحريته، كحالة بعض المركبات التي تقطع الطريق على السيارات المارّة على أوتوستراد سريع بحجة تغيير الإعلان الذي ينتصف أوتوسترادين! أو اللوحات الإعلانية التي تنتشر على أرصفة مشاة كثيرة في بيروت خاصة وفي باقي المناطق على نحو يشكّل اعتداءعلى حقوق المشاة.

NS

البلديات

تشكّل بلدية بيروت استثناء لناحية ترخيص الإعلانات، إذ ان هذه الصلاحية مناطة بمحافظ العاصمة الذي وحده يعطي التراخيص. وينحصر دور البلدية في مراقبة الشركة الإعلانية التي تضع العامود الثابت المؤجّر والتي يتوجّب عليها دفع قيمة تأجيرية لا تدخل ضمن موازنة الصندوق البلدي بل تتحول إلى المحافظة. وعلى الرغم من ذلك فإن العاصمة لا تخلو من بعض المخالفات حيث يعمد بعض المعلنين أو حتى المرشحين للإنتخابات إلى لصق إعلاناتهم وصورهم على جدران دور العبادة أو إشارات السير الأمر الذي يمنعه القانون. لذلك تقوم شرطة المخافر بتكليف من المحافظ مراقبة هذه الأماكن وضبط المخالفات وتحديد العقوبات اللازمة حسب نوع المخالفة.

هناك ثلاث فئات من اللوحات الإعلانية. اللوحات ٣×٤، يجب أن تفصلها عن الإعلان الثاني مسافة ١٠٠ متر، والفئة الأكبر يجب أن يفصلها عن الإعلان الذي يليها ٢٠٠ متر، والفئة الثالثة وهي الأكثر ضخامة يجب إبعادها عن أقرب إعلان آخر مسافة كيلومتر واحد. وتحاول البلديات فرض هذه القواعد خصوصاً على الأوتوسترادات العامة التي تربط المناطق اللبنانية ببعضها حفاظاً منها على المنظر العام كما على حياة الناس وسلامتهم.

قد تمتنع بعض البلديات عن إعطاء الرخص الإعلانية في حال عدم استيفاء كل الشروط المطلوبة. والجهاز الفني في البلدية له الدور الأبرز في التأكد من قانونية كل إعلان. لكن بعض المعلنين يعمدون إلى وضع إعلاناتهم من دون إعلام الجهات المختصة وقبل الحصول على تراخيص قانونية من المكاتب الفنية في البلديات. هنا للبلدية دور وصلاحية في أن تعاقب المخالفين، لأنها السلطة التي تراعي تطبيق القوانين المرعية الإجراء.

من أحد النماذج بلدية جونية، حيث كانت بعض الشركات ترخّص عشر إعلانات وتعرض في المقابل نحو عشرين من دون أن تصرّح عنها للبلدية. ولكن البلدية استطاعت منذ العام ٢٠٠٤ تغيير معالم الأوتوستراد الذي كانت تغرقه اللوحات الإعلانية قاطعة الرؤية عن زوارها أو العابرين لها، فانخفض عددها من ٣٥٨ لوحة في ذلك العام إلى حوالى الأربعين لوحة حالياً كلها مرخصة.

أنواع اللوحات الإعلانية

في ما يلي بعض أنواع اللوحات الإعلانية والمواصفات العالمية المعتمدة في هذا المجال.

– اللافتات:

يُقصد باللافتة أو الإعلان أي لوحة أو تركيبة أو سياج أو مكان أو وسيلة إعلان لمباشرة الإعلان عليها، بالكتابة أو النقش أو بالأحرف أو بالرسم، وذلك سواء كانت تلك اللافتة قائمة بذاتها أو كانت جزءاً من منشأة.

– لوحات الأرصفة والميادين العامة:

يُقصد بها اللوحات المثبتة في الأرض أو على جسم الأرض، أو اللوحات التي يتم إنشاؤها على الأرض بشرط ألا يكون أي جزء منها متصلاً بأي جزء من مبنى أو منشأة أو لوحة أخرى، وهي نوعان:

1- اللوحات الإعلانية والدعائية المثبتة على الأرصفة الوسطية: ويُسمح بهذه اللوحات قرب الإشارات المرورية الضوئية فقط، ويُشترط فيها ما يلي:

– الإرتداد عن الإشارة الضوئية بما لا يقل عن ٩ أمتار.

– الإرتداد عن حافتي الرصيف بما لا يقل عن ٦٠ متر.

– أن لا تُضيء اللوحات مباشرة على الطريق.

2- اللوحات الإعلانية والدعائية المثبتة على الأرصفة الجانبية: ويُسمح بوضعها على الأرصفة التجارية فقط، ويُشترط فيها الآتي:

– أن لا يقل عرض الرصيف عن ٦ أمتار (إرتداد المبنى).

– أن لا يزيد الإرتفاع الكلي للوحة عن ١.2 متر.

– الإرتداد عن حدود الشارع بما لا يقل عن  ١.5 متر.

– المسافة الفاصلة بين اللوحة الإعلانية والأخرى لا تقل عن عشرين متراً.

– أن لا تعوق اللوحات الإعلانية حركة المشاة على الأرصفة.

– أن لا تُضيء اللوحات مباشرة على الطريق.

– البالونات الإعلانية والدعائية الهوائية:

هي وسيلة مؤقتة تُستخدَم للدعاية أو لترويج مناسبة خاصة، ويجب أن يكون البالون مصمماً لنفخه بالهواء بوسائل ميكانيكية فقط، ويُشترط فيها الآتي:

– استخدام بالون واحد في الموقع الواحد للإعلان عن مناسبة أو افتتاح أو تجارة، ويمكن استخدام بالون آخر متحرك على أن يُستخدم الإعلان نفسه.

– التنسيق مع الجهة المختصة (الطيران المدني في هذه الحالة) لأخذ موافقتها قبل الترخيص بإقامة الإعلان.

– الإعلانات على المركبات (السيارات):

يُشترط فيها ألا يُغيّر الإعلان أو الدعاية شكل المركبة أو يُخفي معالمها أو يؤثر على السلامة المرورية.

– إعلانات الطرق السريعة:

هي اللوحات الإعلانية التي تُقام على جوانب الطرق السريعة، سواء داخل أو خارج النطاق العمراني، ويُشترط فيها الآتي:

– تحديد مواقع اللوحات الإعلانية بالتنسيق مع الإدارة المختصة.

– التقيّد بالشروط المعتمدة لدى الإدارة.

– أن يكون موقع اللوحة في وضع يسمح بقراءة الرسالة المكتوبة عليها بزاوية ومسافة مناسبة.

– أن تكون اللوحات الإعلانية في غير مواقع المنحنَيات.

– أن لا يؤثر موقع اللوحات الإعلانية على سلامة الطريق ومستخدميه.

– اللوحات التذكيرية على الطريق:

يُسمح بها على الطريق السريعة التي تصل بين المدن والمناطق المختلفة، ويُشترط فيها ما يلي:

– إرتداد اللوحة عن حرم الطريق بما لا يقل عن خمسة أمتار.

– أن لا يزيد ارتفاع اللوحة عن خمسة أمتار.

– أن لا تقلّ مساحة اللوحة عن ٠.6 متر مربع.

– اللوحات التحذيرية:

هي اللوحات المؤقتة أو الدائمة، والتي تقيمها إدارات المرافق العامة أو شركات الإنشاء للتحذير من الأخطار أو حالات الخطر بما في ذلك اللوحات التي تدل على الكابلات تحت الأرض أو ما شابه.

– اللوحات الإعلانية على المباني:

يُشترط فيها الآتي:

– أن تكون الحوامل ومشتملاتها مرتدة عن حد واجهة البناء الواقعة على حد الطريق أو عن خط البناء بما لا يقل عن متر واحد.

– أن يكون تصميم وتركيب وتثبيت الإعلان طبقاً للأصول الفنية ومتطلبات السلامة ولا يترتب عليه أي ضرر.

حالات حظر الإعلانات

 

يُحظر وضع الإعلانات في الأماكن التالية:

­ المباني الأثرية.

­ النصب التذكارية أو الإعلامية المقامة على أرضٍ مخصصة للمنفعة العامة، وفي المنتزهات وعلى الأرصفة والأسوار المحيطة بها وعلى الأشجار.

­ الكتابة والنقش على الصخور وغيرها من مظاهر البيئة الطبيعية.

كما يُحظر وضع الإعلانات في أي منطقة إذا كانت:

­ تتعارض مع القوانين والأنظمة النافذة.

­ تتعارض مع النظام العام والآداب العامة.

­ غير نظيفة وبحالة مهترئة.

­ غير مثبتة بمتانة وبطرق مأمونة في المبنى أو المنشأ أو الأرض.

­ ذات تأثير سلبي على السائقين، لجهة تداخلها أو تعارضها مع إشارات وعلامات المرور.

الشروط الفنية للوحات الإعلانية

– الحصول على رخصة من البلدية لمختلف أنواع اللوحات الدعائية، والموافقة على تصاميم اللوحات المبدئية والألوان والمواد المستخدمة.

– إلتزام صاحب الإعلان بالصيانة الدورية وإصلاح الأعطال والتلف الناتج عن الحوادث المرورية والعوامل الطبيعية، ورفع المخلفات الناتجة عن ذلك والتأكد من سلامة التركيبات الكهربائية.

– عدم إعاقة لوحات الإعلانات لحركة المرور أو حجب الرؤية في الطرق العامة وأرصفة المشاة.

– أن لا تكون المواد التي تدخل في صناعة اللوحات الإعلانية من مواد قابلة للإحتراق، وأن تكون اللوحات المثبتة على الأسطح مرتفعة عن السطح بما لا يقل عن ١.20 متر.

– إختيار الموقع المناسب للوحات الإعلانية، بحيث تكون بعيدة عن أماكن الخطر كقربها من المواد القابلة للإشتعال أو مناطق التخزين، وألا تُشكّل نقاط جذب للأطفال، وأن لا تؤثر على درجة إنتباه السائقين.

– أن لا تكون اللوحات الإعلانية مصدر إزعاج صوتي أو ضوئي.

– أن لا تؤثر اللوحات الإعلانية على البصر من جراء تركيبات الألوان وتناسقها.

– مراعاة تركيب اللوحات وإبرازها بشكل فني يضمن تناسقها مع غيرها من اللوحات الأخرى، كما يجب أن لا تؤثر اللوحة على الواجهة الحضارية للمبنى أو الشارع.

– الأخذ في الإعتبار إيجاد مساحة كافية للوحات الإعلانات عند تصميم مبنى جديد يحتوي على محلات تجارية.

– قيام البلدية بمراقبة اللوحات الإعلانية في ما يتعلق بالصيانة والنظافة.

يشكّل الإعلان مورداً مهماً، وهو تعبير فني بيئي وأداة تواصل وعلامة صحة وحياة. وقد أصبحت اللافتات الإعلانية جزءاً لا يتجزأ من بيئة الطريق العام في غالبية دول العالم، وهي بجانب أهميتها الإقتصادية والتثقيفية والإرشادية، تنطوي أيضاً على أبعاد جمالية لها أثرها النفسي الإيجابي على سالكي الطرق، من راكبي السيارات أو المشاة الذي يجدون في الإعلانات على جوانب الطرقات أو أسطح الأبنية والمنتزهات العامة الكثير من اللمسات الفنية والجمالية والإبداعية التي تسرّ النظر.

لكن سيطرة الفوضى والعشوائية على سوق اللوحات الإعلانية تؤدي إلى نتيجة معاكسة لا تقتصر على تشويه المنظر العام فحسب بل قد تصل إلى التسبب بحوادث سير. ومن هنا على الجهات المعنية الإلتفات إلى ظاهرة الإعلانات العشوائية وتطبيق المعايير التي تراعي جانب السلامة وتبرز الناحية الجمالية ليتماشى الإعلان مع التطور العمراني وليرتقي بالمستوى الفني والإبداعي.

 

لطيفة مغربي

المراجع:

– د. الياس الشويري

رئيس الجمعية اللبنانية للسلامة العامة

مجلة الجيش

العدد ٢٤٥ – تشرين الثاني ٢٠٠٥

مكبات النفايات قنبلة موقوتة

Main Pic 6

قبل الحرب وخلالها، لم يعرف لبنان حلاً علمياً بيئياً لملف النفايات على أنواعها. وظلت البلديات تجمع النفايات المختلفة، المنزلية والطبية والصناعية والزراعية وتتخلص منها في مكبّات، تحوّلت في المدن إلى جبال قمامة، وفي القرى والبلدات إلى محارق مكشوفة.

 

ومع إنشاء وزارة البيئة، بدأ الحديث عن حلول للملف وشروط ومعايير، ومخاطر استمرار الرمي العشوائي والحرق والمكبات. لكن الملف تحوّل إلى مشكلة، ولامست الوزارة بالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار حلاً ممكناً في سنة ١٩٩٧ عبر ما سُمّي بـ “الخطة الطارئة” لإقفال مكب برج حمود التي بشّرت حينها بخطة شاملة تقوم على مبادئ التخفيف من إنتاج النفايات وفرزها وإعادة استعمالها وتصنيعها، وتحويل العضوي منها إلى مواد صالحة للإستعمال الزراعي وطمر العوادم المتبقية التي لا يمكن، في الظروف الحالية، إعادة استخدامها أو تصنيعها.

لكن التطبيق لم يكن على قياس التخطيط، ذلك أن عمليات الفرز والتسبيخ اصطدمت بمعوقات كثيرة تبدأ في عدم قدرة مواقع التسبيخ على استيعاب المواد العضوية ولا تنتهي عند عدم طلب المواد المفروزة.

وبذلك لم تتحول الخطة الطارئة إلى شاملة، ولا هي تطورت لتحقيق الطمر. وظلت معظم المناطق، خاصة تلك الواقعة خارج محافظتي بيروت وجبل لبنان، تتخلص من نفاياتها عشوائياً. ولم ينجَز من خطة المطامر سوى مطمر زحلة الذي يقتصر العمل فيه على الفرز الأولي والطمر، ولا يتضمن عقد التشغيل تسبيخ المواد العضوية، على الرغم من وجود المطمر في منطقة زراعية، وعلى حدود البقاع الشمالي الذي يشكو من فقر التربة والجفاف، علماً بأن المواد المسبّخة تُغني التربة من جهة، وتخفف من الجفاف لأنها تحفظ الرطوبة من جهة أخرى.

ولا تزال المناطق، ترفض علناً إقامة منشآت معالجة النفايات الصلبة فيها، وخصوصاً المطامر في وقت تتبدل فيه التوجهات والاقتراحات واللجان. وهنا يُطرح التساؤل عن مصير الخطط التي اقترحها مجلس الإنماء والإعمار وصادقت عليها وزارة البيئة لإنشاء المزيد من معامل ومطامر النفايات بعد أن تم رفضها من معظم سكان المناطق الرئيسية المحيطة بها.

 

المكبات: أضرار بيئية منسية

 

لا بد لأي خطة وطنية شاملة ومتكاملة ودائمة لمعالجة مشكلة النفايات أن تنتظر عودة الحد الأدنى من الإستقرار السياسي والأمني الذي يسمح بإعادة البحث عن الحلول الجدية والمستديمة لقضية النفايات وغيرها من القضايا البيئية المزمنة والخطرة، والتي تزداد خطورتها وكلفة معالجتها مع تراكمها وتفاقمها.

ولكن في انتظار الفرج والتوصل إلى استراتيجية متكاملة يصحبها نظام من التشريعات والقوانين والمراسيم التنظيمية، ما هي طبيعة الأضرار الصحية والبيئية التي تسببها مكبات النفايات المنتشرة في أغلب المدن اللبنانية، عدا الأضرار الجمالية الظاهرة للعيان؟ خاصة وأن مكبات ومطامر النفايات تشكّل قنبلة موقوتة، وإن كانت غير منظورة للجميع.

فالعصارة المكثفة والغنية بالمواد العضوية والمعدنية التي تنتج عن المكبات تجد طريقها إلى التربة حيث تترسب وتسبب أضراراً خطيرة فيها وفي المياه الجوفية الموجودة تحتها، وفي حالة المكبات الموجودة على شاطئ البحر – كحالة مكبي طرابلس وصيدا مثلاً – تتسلل العصارة السامة إلى البحر فتقضي على الحياة البحرية بشكل شبه كامل وتسبب تسمماً في كل ما يخزّنه البحر من حياة بحرية وأعشاب. إن هذه العصارة المكثّفة تصنَّف تحت باب المواد السامة والتي يجب التعامل معها بالكثير من الحذر والحيطة والإحتراف نظراً لخطورتها.

هذا فضلاً عن الضرر الذي يشتكي منه أغلب السكان المتواجدين في محيط المكبات ونعني به الروائح الكريهة التي تشتد مع بداية كل صيف والناتجة عن تخمّر النفايات وتفاعلها الكيميائي مما يؤدي إلى إفراز غازات سامة وخاصة الغاز المعروف بـ”الميتان” حيث تتصاعد هذه الغازات من جبال النفايات وإن بشكل غير مرئي في معظم الأحيان ولكن الروائح تشي بوجودها وبتأثيرها الضار على المحيط.

 

لبيئة أكثر جمالاً؟

لبيئة أكثر جمالاً؟

معالجات قاصرة

 

ثلاث جهات أساسية تقع عليها مسؤولية معالجة ملف النفايات في لبنان: وزارة البيئة ومجلس الإنماء والإعمار من الجانب الحكومي المركزي، والبلديات كسلطات محلية. وبالرغم من أن وزارة البيئة قد أنشئت منذ أكثر من ١٥ سنة وأوكلت إليها صلاحيات تشريعية ورقابية واسعة، وبالرغم من أن مجلس الإنماء والإعمار تأسس منذ منتصف السبعينات وأشرف على إدارة العديد من المشاريع نيابة عن عدد من الوزارات، إلا أن هاتين المؤسستين لم تقدّما حتى الآن أية حلول ذات تأثير إيجابي في سبيل تخطي مشكلة النفايات.

من جهة ثانية، فقد أُلقيت ولسنوات طويلة على عاتق البلديات مسـؤولية إدارة النفايات ومعالجتها مع العلم أنها الحلقة الأضـعف في السلم الإداري من حيث الصلاحيات والإمكانيات المادية والتقنية والقدرة على التنفيذ. مع العلم أن معظم هذه البلديات بقي ولأمد طويل إما مغيباً أو منحلاً أو مستقيلاً أو معيناً أو مداراً من قبل القائمقامين والمحافظين. وبالتالي لا تستطيع أي بلدية أن تعالج مشكلة مكب للنفايات من دون أن تستعين بالدولة.

لذا فإن أي معالجة لمشكلة النفايات يجب أن تراعي أبعاد الأزمة وكلفتها ونتائجها و”خصوصيتها” اللبنانية، وتلاؤم الحلول المقترحة مع طبيعة هذا البلد الصغير بحجمه، الكثيف بسكانه، القليل بمشاعاته والغني بمياهه الجوفية.

والمؤسف أن أكثر المقاربات التي اعتُمدَت لمعالجـة أزمة النفايات اتسمت بالعديد من المفارقات التي أظهرت غياباً لوضوح الرؤية وعدم المساواة في التعاطي بين مختلف المناطق. فكل عملية فلش في البحر أو نقل لمكبّ من مكان إلى آخر لا تُعتبَر “معالجة”. ولعل الخيار الأسلم لمعالجة أي مكب هو في إعادة فرزه أولاً، تماماً كما حصل في مكب النورمندي مع العلم أنه الخيار الأعلى كلفة. ويبقى كل ما طُرح من خيارات أخرى من وضع مواد كيميائية لتصغير الحجم أو الفلش أو النقل إلى مكان آخر، لا يُعتبَر حلولاً جدية أو سليمة.

وتجدر الإشارة إلى أن كلفة معالجة وفرز مكب النورمندي كانت عالية جداً، كما يعرف المتابعون. فالعقد الأولي الذي أبرمته شركة سوليدير مع الشركة الأميركية الملتزمة المعالجة، كان بداية يتجاوز ٥٠ مليون دولار أميركي قليلاً، ثم تطورت هذه الكلفة وتعدّلت مع الوقت لتتجاوز المائة مليون دولار! وقد حصلت خلافات مع الشركة الملتزمة، كما يُشاع، وتوقفت الأعمال مما دفع بالقيّمين إلى نقل ما بقي من المكب إلى مناطق متفرّقة.

 

 

نفايات على شاطئ صيدا

نفايات على شاطئ صيدا

الحلول

 

المتعارف عليه في العالم أن لا حلول مثالية ولكن هناك حلول مناسبة للنفايات، وأبرز هذه الحلول الفرز المنزلي.

ولكن تبقى العبرة في ضرورة أن تتحمل الدولة المسؤولية، وأن تقوم البلديات أيضاً بدورها. وأن يتم تحديد المسؤوليات وحصرها في الوزارات والإدارات المعنية أولاً (وزارة البيئة ومجلس الانماء والإعمار) لا سيما أن الحلول البديلة التي تقوم على الفرز في المصدر وليس في المكب كانت مقترحة منذ أكثر من عشر سنوات ولم يتم تبنيها مما ساهم من دون شك في تراكم المشكلة.

إذن فالأمر يحتاج إلى خطة شاملة تقوم على تخفيف حجم النفايات عبر ترشيد الإستهلاك، وعلى الفرز من المصدر وفي موقع المعالجة، وعلى تشجيع إنشاء المصانع التي تستخدم المواد المفروزة وذلك في محيط موقع المعالجة، وعلى تحويل المواد العضوية إلى مخصّبات للتربة وتطوير عملية التسبيخ وإضافة ما تحتاجه الأراضي الزراعية من مواد مخصَّبة إلى المواد المسبخة بما يؤمّن جدوى الإستعمال ويزيد الطلب على هذه المواد التي تشكّل نحو ٥٥ إلى ٦٠ في المائة من النفايات المنزلية الصلبة.

مع العلم أن عملية الطمر لا تشكل الحل المثالي، فهناك تطوّر عالمي في مجال تقنيات معالجة النفايات يتمثل بخطوتين، الأولى فرز النفايات وفقاً لتصنيفاتها البيئية وهذا يقتضي وجود معمل فرز خاص. أما الخطوة الثانية هي معمل لمعالجة النفايات مع اختيار التقنية المناسبة لمعالجة النفايات، أي أنه بعد عملية فرز المواد العضوية الموجودة في النفايات يمكن أن تعالج وأن يستخرج منها أسمدة، ويمكن أن يستخدم أيضاً جزء من منتجات المعالجة في توليد الطاقة الكهربائية.

 

مكب طرابلس

 

تتعدّى كمية “إنتاج النفايات” في مدينة طرابلس المعدل الوسطي لما هو متوقع لمدينة في حجمها، إذ يتعدى الـ٧٥٠٠٠ طن سنوياً، أي أن ثمة أكثر من ٢٠٠ طن من النفايات تنتجها المدينة يومياً. ووفقاً للمراجع البلدية والمشرفين على مكب النفايات فإن ما يقارب ٢٤٠ إلى ٣٠٠ طن يدخل يومياً إلى أرض المكب، إذ يستقبل مكب طرابلس كل يوم نفايات ثلاث مناطق تشكّل مدن “إتحاد بلديات الفيحاء” وهي البداوي والميناء وطرابلس. مع العلم أن ثمة كمية أخرى من النفايات قابعة ليس في عدد من شوارع المدينة وأرصفتها فحسب، وإنما في الـبراحات المشتركة والخاصة لمختلف المباني وفي العديد من الأراضي المتروكة وغير المبنية في مختلف أرجاء وأحياء مدن الإتحاد.

 

ماذا يُرمى في المكب؟

المعروف أنه تُرمى في المكب النفايات من كل نوع، وهو يحتل نقطة التقاء النهر بالبحر كما أنه يزداد ارتفاعاً في غياب الفرز. وحسب اتحاد بلديات الفيحاء، ففي المكب تُرمى كل النفايات ومن ضمنها نفايات المستشفيات، على الرغم من المعرفة بالمخاطر الناتجة عن هذا النوع من النفايات!

ولعل المشكلة الأبرز التي تميز مكب طرابلس هي موقعه في وسط المدينة مما يفاقم من المشكلة التي تجتاح أنوف المواطنين مع رجوع فصل الصيف، أي مشكلة الروائح الصادرة عن الغازات التي تنتج عن تراكم النفايات في المكب. والمعلوم أن نفايات المكب، تنتج منها أنواع من الغازات، لعل أخطرها حامض السيانور ومشتقات الكلور العضوية وهي مواد عضوية صعبة التحلل وتسبب التسمم للإنسان عند تنشقها.

 

ما هو الحل إذن؟

قبل أعوام قليلة وُضعت للمكب دراسة عن طريق مجلس الإنماء والإعمار لتوسعته ليكفي خمس سنوات عبر بناء حائط وملء الفراغ، والبدء بفرز النفايات، ليس من المنشأ بل قبل دخولها المكب. وقد خصص إتحاد بلديات الفيحاء أرضاً حول المكب ليجري عليها الفرز. وأظهرت الدراسة التي أُعدّت للمكب أن بعض محارق الغاز يجب صيانتها وإنشاء محارق جديدة لتستوعب الغازات الناتجة من التوسعة.

الجدير بالذكر أن جهات بيئية عديدة تحذّر من مخاطر عمليات التوسعة المتكررة للمكب، مع العلم أن فريقاً أوروبياً كان قد زار لبنان في التسعينات للمساعدة في حل مشكلة المكبات واقترح نقل المكب إلى الجهة المقابلة من نهر أبو علي بعد تحضير الأرض اللازمة بوضع عازل وإنشائه كما أُنشئ مكب زحلة.

 

وتستمر مشاكل مكبات النفايات غائبة عن المعالجة وحتى عن وعي المواطنين، والبحث يجب أن يبدأ في إيجاد حلول جذرية تحمي المواطن من أخطار الغازات والروائح والتلوث الظاهر والمخفيّ. غير أن المعضلة الأهم تبقى في غياب أي سياسة وطنية شاملة تأخذ بالحسبان ما هو الأفضل للمواطن وما هي الإمكانات المتوفرة لحل آني ومستقبلي يساهم في الحد من أخطار مكبات النفايات.

 

وائل حداد

هل ترتبط الأشغال العامة بمسألة السلامة العامة؟

Main Pic 5

تنضوي عقود البناء والأشغال في الحقل العام، أي التزامات الأشغال العامة، في إطار العقود الإدارية. ويُعتبر العقد إدارياً إذا نص على ذلك القانون صراحة. ويقتضي التوضيح بأن عقود الأشغال العامة ليست عقوداً إدارية بموجب نص تشريعي، إنما بموجب معايير قضائية (بنود خارقة – ارتباط العقد بالنشاط العام – تنفيذ المصلحة العامة)، وإن إقدام المشترع على تعيين اختصاص القضاء الإداري في العقود الإدارية، لا يعني أنّه أضفى على هذه العقود الصفة الإدارية، لأن هذه الصفة مستمدة من المقاييس.

 

وضوح معايير السلامة العامة في عقود الأشغال العامة

 

لمعرفة ما إذا كان عقد التزام الأشغال العامة يلحظ مفهوم السلامة العامة، علينا أولاً معرفة ماهية هذا العقد.

إن عقد التزام الأشغال العامة هو العقد الذي تبرمه الإدارة بهدف القيام بشغل عام بواسطة متعاقد معه يدعى المتعهّد.

لا يوجد أي نص قانوني يعطي تعريفاً لمفهوم الشغل العام، لكن الفقه والاجتهاد توصلا إلى إعلان بعض عناصره. فقد “اعتبر المجلس الشورى الفرنسي في قراره رقم ٢٥ تاريخ ١/ ٦/ ١٩٢١، “Monségur”، مجموعة لوبون، أن العمل العام هو كل شغل عقاري ينفّذ من قبل شخص عام أو لحساب هذا الشخص بهدف المصلحة العامة”.

وقد توسع مفهوم الأشغال العامة وأصبح يشمل الأشغال التي تقع على الأموال غير المنقولة والتي يقوم بتنفيذها شخص عام أو جهاز مخول قانونياً القيام بمهمة أو خدمات المرفق العام، على أن يهدف من وراء هذه الأشغال تحقيق المنفعة العامة.

يؤدي الشغل العام إلى قيام المنشأ العام أي الشغل الذي اكتمل إنشاؤه، كما يؤدي لتحقيق منفعة عامة أو جماعية على الأقل.

تعتبر أشغالاً عامة، الطرقات والأوتوسترادرات والجسور ومنشآت الموانئ والمعسكرات والمطارات، ومنشآت مجاري المياه ونقل الكهرباء والغاز والمياه والنفط والسكك الحديدية وكل المباني المخصصة للمرافق العامة أو مجرد استعمال العموم.

وانطلاقاً من مفهوم السلامة العامة: “الخلو من الضرر أو من خطر الإصابة بضرر وأخذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من الحوادث”، على الإدارة والمتعهد على حد سواء، عند إبرام عقد التزام الأشغال العامة التقيد بالمعايير المحددة للسلامة وأخذها بعين الإعتبار، لأن تأمين المصلحة العامة يجب أن يترافق دوماً مع تحقيق السلامة العامة.

IMG-20130426-WA0011

متابعة تنفيذ عقود الأشغال العامة

 

لدى إجراء عقد بناء أو أشغال عامة أو التزام أو مقاولة، يتمتع كل من الإدارة والمتعهد المتعاقد معه بحقوق أقرتها لهما المبادئ والأعراف القانونية ويعود للإدارة امتيازات أكبر من تلك التي يتمتع بها المتعهد المتعاقد معه. في ما خص السلامة العامة من الضروري التركيز على حق الإدارة بمراقبة الأشغال المنفذة وإدارتها، فالمتعهد يجب أن ينفذ الأشغال تحت مراقبة مهندس الإدارة وإشرافه الذي يعتبر بمثابة المدير الفعلي والحقيقي للأشغال، فضلاً عن حق الإدارة بتعديل شروط العقد وحق فسخه وفرض العقوبات بحق المتعهد الذي يخل بمعايير السلامة العامة المحددة آنفاً.

إن حق الإدارة بمتابعة تنفيذ الشغل العام لجهة التثبت من تطابق التنفيذ الفعلي مع الشروط المتفق عليها والمتعلقة بالسلامة العامة، إنما تفرضه المبادئ العامة التي تقضي “بأن الأضرار المكبدة للأشخاص الثالثين بمناسبة عمليات تنفيذ الأشغال، يعوّض عنها عندما يكون الضرر غير مألوف”، وتبقى الإدارة مسؤولة عن هذه الأضرار التي تصيب الأفراد من جراء تنفيذ أشغال عامة.

توسع القضاء في تفسير الأضرار اللاحقة بالغير والتي تمس السلامة العامة وقضى بوجوب متابعة تنفيذ الأشغال ومراقبتها و ترتيب المسؤولية على عاتق الإدارة عند إخلالها بهذا الموجب:

” إذا احتفظت الإدارة بحق مراقبة الأعمال التي يقوم بها الملتزم الذي رست عليه المزايدة باستخراج البحص والرمل من نهر تابع للأملاك العامة موجبة عليه التقيد بالتصميم وبالتعليمات التي تصدرها إدارة الأشغال العامة، فإن الإدارة تصبح مسؤولة بالتكافل مع الملتزم عن أخطائه”.

فإذا قام الملتزم بحفريات أدت إلى انخفاض مستوى النهر وإلى تحويل مجراه الطبيعي، غير مكترث بشروط الالتزام وطغت المياه على العقارات المجاورة وألحقت ضرراً بالسلامة العامة، فإن هذه الأخطاء التي ارتكبها الملتزم حصلت في سبيل الالتزام وبمناسبته وتكون الإدارة مسؤولة عن إهمالها مراقبة تنفيذ الأشغال مراقبة فعّالة تحول دون وقوع الضرر على الغير.

 

الإهمال والتقصير

 

لا بد في سياق التطرق إلى أهمية متابعة تنفيذ عقود الأشغال العامة من الإشارة إلى أن القضاء قد كرّس مبدأ التعويض عن الأضرار اللاحقة بالغير، واعتبر أن أي إهمال أو تقصير من شأنه إلحاق الضرر بالسلامة العامة إنما يعرّض مرتكبه للمساءلة القانونية.

ومن الأعمال التي تعرّض صاحبها للمساءلة القانونية في هذا الإطار:

  • عدم تهيئة وصيانة الطرقات الرئيسية والإقليمية.
  • عدم تنظيف الطريق أو عدم وضع الإشارة بأن الشجرة النابتة على الرصيف والتي تعلو الطريق لا يتجاوز علوها الثلاثة أمتار.
  • إنهيار حائط نتيجة عيب في الأشغال ونقص في الخرائط.
  • توسيع الطريق بواسطة الجرافات والتسبب بارتجاجات الجدران وانهيارها.
  • عدم وضع مونّس على الطرقات.
  • عدم وضع إشارة ضوئية منبهة للحفر ولكومات الحجارة على الطريق العام.
  • تدهور شاحنة بسبب كومات الحصى الناعم والرمل أثناء قيام الإدارة بتزفيت الطريق.
  • وضع قسطل بعرض الأوتوستراد.
  • قوس نصر غير مشار إليه بإشارات ضوئية.
  • المياه على الطرقات عندما تغمر عرض الطريق بعلو ٤٠ سنتيمتر.
  • التداعي والتصدع المباشر للبناء على أثر تشييد المنشأ أو أشغال التوسيع للطريق أو مد شبكات المياه.
  • تحرك أو انزلاق الأرض على أثر الأشغال.
  • الأضرار من جراء انحسار الضغط والدفع من أرض الطريق العام.
  • سقوط شجرة على حافة الطريق.
  • الأضرار الحاصلة للأبنية من جراء جذوع الشجر القائمة على الطريق العام.
  • الأضرار الناتجة عن تخفيض مستوى الطريق بمعدّل ٧٥ سنتيمتر.
  • الإنهيارات في الطرق العامة وحيطانها وتدهور السيارات من جرائها.
  • وجود حفر في الطرقات العامة يبلغ عمقها ٤٠ سنتيمتر أدّت إلى سقوط شخص ووفاته.
  • وجود حفرة يتراوح عمقها بين ١٠ و ٢٠ سنتيمتر أدت إلى تدهور سيارة وإلحاق الضرر بالركاب.
  • الأضرار اللاحقة بالأبنية نتيجة التصدع عند شق طريق عام وعدم تشييد حائط دعم لحضن التربة الرخوة.
  • الفيضانات وتسرب المياه المتفاقمة من قبل المنشآت العامة المختلفة مثل الجسور، الردميات، السدود، جدران الدعم.
  • الفيضانات الحاصلة من جراء أشغال المرافق البحرية برفع مستوى المياه.
  • الأضرار المسببة للأبنية من جراء تسرب المياه الجارية في الأقنية المتفجرة لحالتها الرديئة.
  • تلويث الحمامات البحرية وعدم إصلاح مجرور انفجر أو انكسار مجرور المياه القذرة الذي يصب على مقربة من الشاطئ.
  • الحريق الناتج عن سقوط شريط كهربائي.
  • الأضرار الناتجة عن انفجارات حدثت من جراء تسرب الغاز.
  • الأضرار اللاحقة بالمشاة في ممر مسمر نظراً لحالة البلاط السيئة.
  • الأضرار الحاصلة للمشاة في ممر للمشاة أمحيت الخطوط الصفراء منه.

 

تضمين عقود الأشغال العامة بنوداً صريحة عن السلامة العامة

 

تتصل الأشغال العامة اتصالاً وثيقاً بالسلامة العامة، سيما وأن أعمال تنفيذ هذه الأشغال يمكن أن تكون مصدراً للأضرار وإلحاق الأذى بالسلامة العامة، لذلك من الضروري عند إبرام عقد التزام أشغال عامة الإستعانة بخبراء متخصصين في حقل الوقاية من الحوادث يعرفون بـ”مهندسي السلامة”، يقومون بإعداد الدراسات، والتصاميم والبرامج التي تجعل من المباني والمدارس والطرقات السريعة وغيرها أكثر أماناً. أي تكون مهمتهم إعداد دفتر شروط خاص يتضمن بنوداً صريحة عن السلامة العامة على أن تكون ملزمة للطرفين ولا يصح العدول عن تطبيقها أو الرجوع عنها.

والجدير ذكره أن الاجتهاد اللبناني قد اعتبر أن دفتر الشروط الذي يتضمن أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع الضرر (معايير السلامة العامة) هو بمثابة النظام الذي يفترض التقيد به تحت طائلة المسؤولية: “إن دفتر الشروط الذي يأخذ الملتزم على أساسه عملية الحفر تجاه البلدية وإجراء جميع الاحتياطات التي تقي المارة من الخطر هو النظام الذي تفرض عليه البلدية إتباعه عند قيامه بالأشغال، فيتحتم عليه التقيد بأحكامه تحت طائلة المسؤولية وليس له أن يستبدل ما تضمنته تلك الشروط من التدابير المحددة بما يمكن أن يقوم مقامها، لأن ذلك منوط بالبلدية وحدها التي يعود إليها إقرار التدابير الكافية للسلامة العامة، فإذا لم يتقيّد بدفتر الشروط ولم يضع الحواجز الخشبية المشترط وضعها التي تسد الممر الجاري فيه الحفر يكون مسؤولاً…”.

وكذلك يجب أن يتضمن دفتر الشروط الواجبات المفترض التقيّد بها على الدوام حرصاً على السلامة العامة: “إن موجب الصيانة للطرقات العامة يلقي على عاتق الإدارة القيام بالأعمال الضرورية المتواصلة التي تتطلبها أوضاع هذه الطرقات لتأمين السلامة العامة”.

و”تعتبَر الإدارة مسؤولة عن تقصيرها في صيانة سلامة السير على الطرقات العامة وهي تعد مقصّرة إذا لم تساوِ عرض أحد الجسور مع عرض الطريق المؤدية إليه ولم تضع على حافتيه حواجز واقية”.

كما يفترض بالإدارة إصدار التعليمات المستمرة وكلما دعت الحاجة لذلك “كالتعليمات بإصلاح أو هدم الجدران والأبنية على الطرق العامة، عندما تهدد بالسقوط وإن تداعيها يمكن أن يورط السلامة العامة، وتسأل السلطة العامة إذا تمنعت أو تأخرت عن اتخاذ التدابير التي تفرضها حاجة الضمانات العامة أو إذا اتخذت تدابير غير منطبقة على الخطر الواجب وقفه”.

كما يقتضي تضمين دفتر الشروط بنوداً تفصيلية بهدف الحفاظ على السلامة العامة. فقد أشار مجلس الشورى الفرنسي إلى أنه “تعتبَر غير مألوفة وتشكل خطراً على السلامة العامة النتوءات التي تناهز الخمسة سنتمترات مثل سداد أو غطاء المجرور”، وكذلك الحجارة التي تؤلف نتوءاً في أرض الشارع.

المراجع:

الوسيط في القانون الإداري اللبناني – جان باز

عقود البناء والأشغال الخاصة والعامة – نعيم مغبغب

التزام الأشغال العامة – جريس سلوان

مسؤولية السلطة العامة – موريس نخلة