Monthly Archives: January 2014

العنصرية في لبنان: إختلاف في الوجوه إتفاق على القبح

1st

شهد العالم في السنوات المئة المنصرمة ثلاث موجات حاسمة كان لها شأن مهم في السياسة والأخلاق والإقتصاد والعلاقات الدولية. وهذه الموجات هي: القضاء على الرِّق، والقضاء على الاستعمار المباشر، وها نحن نشهد، ربما، بداية القضاء على الدكتاتوريات والاستبداد. أما العالم العربي فقد شهد منذ نهاية الحقبة الإستعمارية فصاعداً، أي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، مرحلتين: مرحلة القومية العربية التي نجحت في عدد من الدول العربية أمثال مصر وسوريا والعراق واليمن والجزائر، لكن الطابع العسكري لها حوّلها إلى نظم قمعية أهانت الأفراد والمجموعات وتنمرت على المجتمع وسحقت الحرية في نهاية المطاف؛ ومرحلة الإسلام السياسي التي أخفقت إخفاقاً كبيراً، وخاصة في الجزائر ومصر والسودان.

أما الآن فثمة موجة جديدة عاتية لا يعرف لها أحد ذروة أو قراراً، هي موجة “الديموقراطية” التي يخشى الكثيرون، لا من الديموقراطية نفسها التي كانت دائماً واحدة من أسمى الغايات في المجتمعات العربية، بل من آثارها التفكيكية التي تنذر بإعادة المجتمعات العربية إلى عناصرها الأولى الإثنية والقومية والطائفية والمذهبية والعشائرية.‏

في خضم هذا الاضطراب وهذه البلبلة وجدت العنصرية مكاناً لها في المجتمعات الأكثر اختلالاً، أي في العراق وسوريا ولبنان. وهذا الأمر لا ينحرف كثيراً عن السياق العالمي لظهور العنصرية، فأوروبا التي شهدت في الخمسينات والستينات صعود اليسار وحركات الطلبة والشبيبة، انكفأت في الثمانينات والتسعينات لتظهر بين شبيبتها مجموعات النازيين الجدد والاتجاهات الإشتراكية القومية من طراز جان ماري لوبين في فرنسا، ويورغ هايدر في النمسا وغيرها. وهذه المجموعات والحركات الجديدة إنما هي الناتج الطبيعي للأزمات الإقتصادية التي عصفت بأوروبا ابتداءً من النصف الثاني من السبعينات، ولتدفق المهاجرين، بكثافة، من دول المستعمرات القديمة. وعلى سبيل المثال، فإن الألمان الذين كانوا يستقبلون العمال الأتراك بالورود لأنهم جاؤوا لإعادة إعمار ألمانيا المدمرة في الحرب العالمية الثانية، ها هم أبناؤهم اليوم لا يتورعون عن مهاجمة أحياء المهاجرين الأتراك بعدما أفنى هؤلاء العمال أكثر من خمسين سنة من أعمارهم في إعمار ألمانيا. ثم إن مفاهيم الهوية بدأت تثير سجالات متنوعة في المجتمعات الأوروبية الهرمة والمستقبلة للمهاجرين في آن، ما يعني أن صعود أفكار الهوية ربما يشير، إلى حد ما، إلى تفسخ هذه المجتمعات في جانبها الإنساني على الأقل.‏

العنصرية المتجددة في لبنان‏

 Die-in2

في البداية، من هو اللبناني؟ في أحاديث العرب عن اللبناني، يستعيدون الصورة التي نقلتها إليهم المسلسلات التلفزيونية وهي صورة مصطنعة لا تمتّ بصلة إلى اللبناني العادي (ثري، جميل، متحرّر، جريء، مقدام…). يشعر العرب بشيء من الدونية الممتزجة بالحقد تجاه أصحاب هذه الصورة وحين يلتقون باللبناني العادي يسقطون عليه الكثير مما صاغه مخيالهم. رغم ذلك يبقى واقعاً أن “اللبناني” ما هو إلا تنويعة من لبنانيين مختلفين من حيث وضعهم الإجتماعي ومن حيث ثقافتهم وهذا يجعل مستحيلاً صناعة “ستيريوتايب” لبناني.

بالعودة إلى مسألة العنصرية، فالعنصرية، في تجلياتها المعاصرة تتخذ شكل التمييز الثقافي، التمييز الطبقي، التمييز الإجتماعي، التمييز على أساس المعتقدات وعلى أساس العادات وعلى أساس اللغة المحكية أو اللهجة. في المجتمعات العربية، العنصرية منتشرة إلى درجة لا تعود معها خاصيّة مميّزة لجماعة أو بيئة من دون جماعة أو بيئة أخرى وهي ترتدي عباءات مختلفة وهي، في المناسبة، عابرة لحدود الأوطان. فهناك تمييز أهالي المدن ضد أهالي الريف وأهالي الريف بعضهم ضد بعض. أبناء عكار في لبنان هم عرضة، تماماً كما جيرانهم أبناء ريف حمص، إلى عنصرية يمارسها عليهم أبناء المدن من بيارتة أو شاميين أو حلبيين أو حتى طرابلسيين. المجتمعات المحليّة التي تُعلي من شأن بعض العادات والتقاليد ترفض أبناء البيئات الأخرى أكانوا آتين من جنوب لبنان (كما حين النزوح أثناء حرب تموز 2006) أو من الريف السوري. على مستوى أدنى، تصل العنصرية إلى تعاطي أبناء القرى مع جيرانهم من أبناء القرى المجاورة.

في أوروبا، إنتعشت العنصرية على أيدي القوى السياسية الأكثر حيوية، أي النازية في المانيا والفاشية في إيطاليا والكتائب في إسبانيا. غير أن هذه الحيوية “النضالية” والأيديولوجية لم تظهر هكذا فجأة، وبقوة، جراء الإرادة السياسية للقادة النازيين أو الفاشيين، أو جرّاء العبقرية الفذة للمفكرين القوميين، إنما ظهرت لأسباب موضوعية تماماً ومستقلة عن الإرادة إلى حد بعيد، وكان لها الأثر الكبير في تكوين الوعي الجماعي لهذه المجتمعات. وهذه الأسباب الموضوعية هي: الهزيمة في الحرب العالمية الأولى التي أدت إلى الشعور بالإهانة العسكرية والذل القومي، ثم الهزائم المتكررة للأحزاب الشيوعية في ألمانيا وإيطاليا ولا سيما في الثورات التي وقعت بين 1919 و1926، وأزمة الكساد العالمي بين 1929 و1933.‏

ركّزت الفاشية في أوروبا، وكذلك النازية، على الأمة كوحدة متجانسة، بينما “الفاشية” في لبنان ما برحت تركز على الطائفة كوحدة متجانسة وصافية. ولعل من مجافاة العلم والواقع أن نقارن العنصرية في لبنان بالفاشية في أوروبا، فالفاشية في أوروبا امتلكت، في بعض المراحل الزمنية، أدوات فكرية ومعرفية جذابة. بينما العنصرية في لبنان خاوية تماماً من أي بنية معرفية، ولا تمتلك من عناصر الظهور إلا التعصب والرغبة في العنف وكره الآخرين والإنحطاط الثقافي.‏

ظلت العنصرية في لبنان هامشية جداً وغير ذات تأثير واضح، لكنها كامنة. أما صوتها فقد بدأ يعلو، بالتدريج، إبان الحرب اللبنانية، وانهمكت جماعة من الأفراد على غرار سعيد عقل وإتيان صقر (أبو أرز) ومي المر وأمين ناجي ووليد فارس، وقبلهم فؤاد افرام البستاني، في الدعوة إلى أفكار ذات طابع عنصري، وتمكنت من أن تصوغ مضموناً فكرياً وسياسياً لهذه العنصرية، وهو مضمون مبتذل في أي حال، فانتهى بها المطاف إلى أحضان إسرائيل مباشرة! وهذه هي حال سعيد عقل الذي امتدح الجيش الإسرائيلي إبان اجتياح لبنان في سنة 1982، وكاد يلقي خطاباً من هذا العيار في الكنيست. وهذه هي حال إتيان صقر (أبو أرز) الذي طالما دعا إلى حلف تاريخي مع إسرائيل ضد سوريا، ووقف ضد الإنسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، فإذا به اليوم محكوم بالتخابر مع الموساد، ويعيش لاجئاً ذليلاً في إحدى البلدات الإسرائيلية بعدما رفض العرب المسيحيون في فلسطين حتى أن يسكن بينهم.‏

إحتاجت العنصرية في لبنان دائماً إلى عدو. فتارة يكون العدو هو الفلسطيني، وطوراً السوري. ففي سنة 1976 دعا تلاميذ سعيد عقل من أمثال إتيان صقر إلى إبادة الفلسطينيين، وكان شعارهم: “على كل لبناني أن يقتل فلسطينياً”. ولم يخجل سعيد عقل قط حينما قال: “إذا أراد الفلسطينيون البقاء في لبنان فأهلاً بهم، ولكن تحت التراب وليس فوق التراب”. واليوم يبدو أن هذه البذور أينعت ضد اللاجئين السوريين، وهي حال معروفة تماماً في التحليل النفسي للجماعات الهمجية، وتبرهن لا على الخِسة فحسب، بل على الجبن الصريح، وعلى روح الإستفراد بالضعفاء. لكن هذه العنصرية، في المقابل، لا تحتاج إلى أي برهان على ابتذالها، ولدى الخادمات السيريلنكيات أفضل البراهين. إنهنّ، في الكثير من الأحيان، يُغتصبن، ويتمرن الإبن الأكبر بهنّ جنسياً، وكذلك يفعل الوالد في بعض الأحيان، وتُحتجز أموالهنّ وجوازات سفرهنّ كيداً، ويُجبرن على العمل بلا توقف إلى ما بعد منتصف الليل، ويُطعمن من بقايا الطعام، وينمن على أرض المطبخ، ويُحتجزن في المنزل من غير أي يوم للراحة، ويُمنعن من النزول إلى المسابح ولو مع أبناء مخدوميهنّ، لهذا ليس من الغرابة أن تكثر بينهن حالات الإنتحار والهروب. ولا يقتصر الأمر على السيريلنكيات هنا، بل يطال حتى السود في أفريقيا. وهناك الكثير من الحكايات التي تتغرغر بها أشداق النساء اللواتي لا يقل الشق في كعب الواحدة منهن عن طول الإصبع، ومع ذلك لا تخجل من الحديث عن إبنها “الغالي” في أفريقيا، وكيف أن لديه “عبدة” في المنزل و”عبدة” في “الحاكورة” و”عبدة” في “الدكان”. ولهذا، أيضاً، ليس غريباً أنه كلما اهتز الأمن في تلك البلاد تكون أرزاق اللبنانيين أول ما تُنهب وتُحرق.‏

الإستعلاء والهَوَس الخرافي بالتحضر

عند جميع الشعوب التي تفتك بها العنصرية، يتجاور مرض الإستعلاء مع خرافة التفوق الحضاري على الأقوام المجاورة. وهذه أمور مفهومة تماماً في المجتمعات المضطربة أو في المجتمعات التي تتعرض للإهانة الوطنية من الخارج، مثل لبنان. وفكرة الإستعلاء هي، في الجوهر، منقلبة من الشعور بالخوف من المحيط وكره الأقوام المجاورة. وعلى الأرجح أن هذه الفكرة نشأت، أول ما نشأت، في الجبل اللبناني الذي هو، بحسب اعتقاد فئة واسعة من سكانه، الوطن الملجأ. واللافت أن الميليشيات العسكرية الفاعلة في لبنان هي قوى جبلية في الأساس، أي أقليات. وقد ورثت هذه الأقليات الخوف من المحيط وكره الجوار.‏

أما خرافة التفوق الحضاري فقد ازدهرت في مناخ الصلة بالغرب من خلال الإتصال بمصانع الحرير في مدينة ليون والإرتباط بالكاثوليكية في روما. واستناداً إلى هذه العوامل تطورت خرافة جديدة هي أن لبنان هو باريس الشرق أو سويسرا الشرق أو حتى هونغ كونغ البحر المتوسط. والصحيح أن لبنان وبيروت بالتحديد لم يتطور إلى هذا الطراز من المدن أو الدول، بل ظل، في أحسن أحواله، طنجة في شرق المتوسط. فالزعامات السياسية، التي صارت ميليشيات إبان الحرب الأهلية، هي مزيج من العصابات والمقاتلين والمجرمين والعائلات المتغلبة ذات الشوكة. وهؤلاء اشتهروا، قبل الحرب، بإدارة صالات القمار والألعاب المحظورة وتهريب المخدرات والسمسرة وتجارة السلاح وافتتاح المواخير للعرب وتقديم الخدمة لمحطات الاستخبارات. وهؤلاء أنفسهم شرعوا، خلال الحرب، في تأسيس مجموعات على شاكلة “جبهة تحرير لبنان من الغرباء” و”حراس الأرز” وغيرهما. على أن بيروت، على سبيل المثال، لم يكن هذا هو وجهها الحقيقي، إنما بيروت هي الجامعة الأميركية وشارع المصارف والميناء والمطار الدولي والصحافة ودور النشر والحريات والنوادي الثقافية وحركات النهضة والتقدم. وبيروت هذه لم تصبح على مثل هذا البهاء إلا حينما ساهم فيها “الغرباء” من الفلسطينيين والسوريين بقسط كبير جداً من الإبداع والإزدهار. وبيروت هذه كانت دائماً مدينة من مدائن التجارة الساحلية، أي مدينة الاعتدال والانفتاح والمساومة والحلول الوسط، وليست مدينة للتعصب والانغلاق والعنصرية والحماقة. وطالما حاولت بيروت أن تصبح، بالفعل، باريس الشرق وأن تلفظ رياح التعصب والإنغلاق الغريبة عنها والوافدة إليها، إلا أن روح المعاقل العاصية وكره الآخر، أي العنصرية باختصار، أعاقت بيروت عن النهوض إلى غايتها، وساهمت في تدميرها خلال الحرب الأهلية.

وفي هذا المجتمع حينما تشعر الجماعة، وهي هنا الطائفة، بالخوف وعدم الأمان تلتف حول أكثر رجالها دموية بحثاً عن الحماية ثم الإنتقام. وأكثر الرجال دموية هو نفسه القبضاي في زمن السلم. وهذا القبضاي يتاجر بالممنوعات ويحمي جماعته ويعطف على أبناء منطقته ويمتاز بالشهامة في بعض الأحيان ولا يتورع عن بيع خدماته لأجهزة الاستخبارات ويسعى إلى خدمة أنصاره، فهو، بهذا المعنى، رجل محبوب ومهاب معاً. لكنه، حينما تتحول اللعبة نحو العنف، سرعان ما يتحول إلى قاتل ومأجور وكاره للجوار، بل إلى عنصري لا يخجل من المجاهرة بعنصريته.

البيئة العنصرية‏

racist

شاع خلال الحرب الأهلية اللبنانية استخدام كلمة “العِرْبان” للدلالة على العرب، وهي كلمة تشير إلى الاستعلاء واحتقار العرب ومنهم الخليجيون بالدرجة الأولى، علماً بأن لبنان يعتاش، في جانب كبير من دخله الوطني، على ما ينفقه “العِرْبان” في أرضه، وعلى ما يوفرونه للبنانيين من فرص العمل، وعلى ما يقدمونه إلى لبنان من مساعدات لا تحصى. كذلك درج استعمال عبارات التضليل في الخطب السياسية العنصرية، فيقال “الفلسطيني” و”العربي” و”السوري” من غير تعيين أي فلسطيني أو أي عربي أو أي سوري. ولو قيل أن العداوة موجهة إلى تلك الجماعة من الفلسطينيين أو إلى النظام أو المعارضة في سوريا مثلاً، لكان الأمر مفهوماً، أما أن يُرمى الكلام هكذا من غير تخصيص، ففيه تضليل لا يخفى على أحد. وقد انغمس البعض، يساراً ويميناً، في تلك اللغة العنصرية فصار الكلام يدور مجاناً على “الفلسطيني” أو على “السوري” حينما يُراد به الحديث عن الفصائل الفلسطينية المقاتلة أو عن الحكم السوري أو الفصائل المعارضة للنظام. وعلى سبيل المثال كان التثقيف “الفكري” لدى “حزب حراس الأرز”، وهو الحزب الأكثر عنصرية وانحطاطاً في لبنان، يركز على السؤال التالي: مَن هو عدوكم؟ والجواب: عدونا السوري ثم الفلسطيني. أما السوري فهو العدو الدائم، وأما الفلسطيني فهو عدو موقت إلى حين يرحل عنا و”يحلّ” عن ظهرنا.

مستقبل عدائي

إن العنصرية مرض إجتماعي بالتأكيد، وهو عياء يشير إلى بعض مظاهر الإنحطاط الخلقي والفكري معاً. وفي المجتمعات المعاصرة التي عصفت بها رياح العنصرية وروائحها صارت أكثر الكلمات انحطاطاً هي كلمة “العنصرية”، وما فتئت هذه المجتمعات تحاول أن تتخلص من العار الذي لحق بها، أكان ذلك في مرحلة المتاجرة بالرقيق، أو في مرحلة احتقار سكان المستعمرات، أو في مرحلة الاستعلاء على المهاجرين. والعنصرية في لبنان، وهي محدودة الأثر في أي حال مع أنها كامنة مثل كمون النار في الصوان، هي مرض خطر سيفتك، أول ما يفتك، بأصحابه، لأن اللعب بالنار لا يجعل النار لعبة على الإطلاق. والعنصرية مثل عود الكبريت يحتاج إلى بيئة ملائمة لاشتعاله، والبيئة اللبنانية اليوم خاصة مع ازدياد أعداد اللاجئين السوريين مع التضارب في بعض الأحيان بين عادات هؤلاء اللاجئين وعادات المجتمعات المضيفة، إضافة إلى وجود حالات من السرقات أو الجرائم الموجودة في أي مجتمع، الأمر الذي ينذر للأسف باشتعالات شتى، وتنمو فيها بعض الجراثيم العنصرية، وستكون وبالاً لا على السوريين أو الفلسطينيين فحسب، وإنما على اللبنانيين أولا وأخيراً.‏

ومع استمرار تفاقم الوضع نحو الأسوأ فلا مبالغة بالقول أن العلاقة بين شعبين جارين صارت مهدّدة وقد نكون أمام مستقبل مطبوع بالعداء.

مراجع البحث:  صقر أبو فخر – جريدة المستقبل

حسن عباس – موقع المدن الإلكتروني

يوتوبيا، الشريكة في مشروع “هيدا حقك” سترمم شارع الجهاد في باب التبانة

شارع الجهاد الواقع في منطقة باب التبانة هو كغيره من الشوارع في هذه المنطقة يعاني من إهمال مزمن عمره عشرات السنوات، قد يعود إلى أيام الحرب الأهلية والمعارك في طرابلس قبل ثلاثة عقود. يسكن في الشارع عدد كبير من العائلات، حيث يصل عدد الساكنين إلى حوالى 15 ألف نسمة، نسبة كبيرة منهم من الأطفال. وهو شهد مع بداية الأزمة السورية نزوح العديد من العائلات السورية للسكن فيه.

مَن يتجول في الشارع سيبدو له الإهمال واضحاً للعيان، من مياه الصرف الصحي التي تسرح في الشارع وتتسبب بروائح كريهة وأخطار صحية وبيئية جمة على السكان، إلى الجدران السوداء.

ستعمل جمعية يوتوبيا، الشريكة في مشروع “هيدا حقك”، بالتنسيق مع بلدية طرابلس ومن ضمن أنشطتها الدائمة في المناطق المحرومة في طرابلس على تأهيل هذا الشارع وخاصة بما يتعلق بتأهيل أنابيب الصرف الصحي وتركيب قساطل جديدة للمياه، إضافة إلى دهن وتزيين الجدران.

في الصور التالية مشاهد من الحالة المزرية التي عليها الحي حالياً.

IMG_5748

IMG_5749

IMG_5750

IMG_5751

IMG_5754

IMG_5753

الوصول إلى المعلومات… حق لنا ولكم! أفرجوا عن حقنا وحرروا قانون حرية المعلومات!

AccessButton_BlueSmall

الوصول إلى المعلومات، إنه حق لي ولك ولكم ولنا جميعاً كلبنانيين… ولكن!

لا يختلف اثنان على أن الحق في الوصول إلى المعلومات يُعتبر من المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، الذي نصت عليه الدساتير وأنظمة الدول وكفلته معظم الإتفاقيات الدولية.

فحرية الوصول إلى المعلومات تشكّل إحدى الآليات الأساسية لمكافحة الفساد وتأمين وتعزيز الشفافية في القرارات الحكومية ومحاسبة ومساءلة الحكومة على أعمالها.

وإذا ما أدركنا أن المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كرّستا حق كل إنسان في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار ونقلها، فيما كفلت إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (المعروفة اختصاراً بالـ UNCAC) هذا الحق في المادتين 10 تحت عنوان “إبلاغ الناس” و13 تحت عنوان “مشاركة المجتمع”. كما أن مقدمة الدستور في الفقرة (ب) أكدت التزام لبنان بمواثيق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لعلمنا أهمية هذا الحق الشرعي الذي كفلته أعلى الإتفاقات وأعظم الدساتير.

منذ القرن الثامن عشر، بدأت الدول الغربية تطبيق هذا الحق، وتحديداً السويد من خلال “قانون حرية الصحافة عام 1776. وفيما أقرّت أكثر من 90 دولة في العالم هذا القانون، ومنحت من خلاله مواطنيها الحق في الوصول إلى المعلومات، بقي لبنان على غرار بقية الدول العربية، باستثناء المغرب والأردن واليمن، مفتقراً إلى قانون يضمن لنا جميعاً هذا الحق.

فمن منا في لبنان لا يشعر في كثير من الأحيان بأنه بأمسّ الحاجة لهكذا حق سواء أكان مواطناً عادياً أو عاملاً بسيطاً أو صحافياً أو موظفاً في القطاع العام أو الخاص؟ فالتجارب اللبنانية على أرض الواقع في هذا المجال كبيرة جداً وتشمل مختلف الميادين والقطاعات من الكهرباء إلى المياه فالغذاء والصحة والتعليم إلى القضاء.

أسئلة كثيرة تُطرح في هذا السياق، فعلى سبيل المثال لا الحصر: كيف تحمي القوانين المواطن العاجز عن الحصول على نسخة منها، إلا من خلال شراء الكتب والمراجع القانونية أو استشارة الخبراء؟ كيف يمكن للنائب مراقبة عمل السلطة التنفيذية، خصوصاً وأنها لا تنشر تقاريرها وموازناتها ومصاريفها؟

وفي المقابل كيف يمكن للمواطن أن يباشر في معاملة إدارية وهو يجهل عدد المستندات المطلوبة ونوعها ومدة إنجازها؟ وما فائدة التعاميم التي يصدرها الوزراء طالما أنها غير منشورة؟

Access2info

صحيح أن هذا الحق لا يتمتع به بعد اللبنانيون لكن المطالبين بإقراره هم كثر، وجهود كبيرة بُذلت في هذا المجال تمثّل أبرزها بنشاطات ونداءات المجتمع المدني ومختلف المنظمات والجمعيات المحاربة للفساد والداعمة للشفافية والتي دعمتها أصوات بعض النواب فأثمرت اقتراح قانون الحق في الوصول إلى المعلومات الذي تقدّم به النائب غسان مخيبر في العام 2008، ومنذ ذلك الحين نام في الأدراج حتى أقرّته لجنة الإدارة والعدل بعد ثلاثة أعوام أي في العام 2012. وبعدما كانت قد شكّلت لجنة فرعية لدراسته واطّلعت على كل الإقتراحات والملاحظات من سائر الدوائر الرسمية في الدولة، ومن المنظمات المدنية وسواها من الخبراء والمختصين، وتوصّلت إلى بعض التعديلات الأخيرة وتم إقراره على أن يحال إلى الهيئة العامة مع التقرير.

لكن السؤال الذي يُطرح: أين أصبح هذا الإقتراح اليوم ولا سيما أنه في سنة 2013 ستحصل تقييمات لموضوع الفساد في لبنان وبالتالي سيكون بلدنا مدار تقييم في موضوع مكافحة الفساد من قبل الدول المعنية من خلال منظمة الأمم المتحدة؟ هذا الواقع يوكد الحاجة إلى إقرار هذا القانون سريعاً نظراً لأهميته في المساعدة على ترطيب الأجواء المتعلقة بكل ما هو متعلق بمكافحة الفساد المستشري.

Password-lock-2

هذه الأسئلة حملناها لأكثر المعنيين بهذا القانون، ولأحد أهم عناصره وهو النائب غسان مخيبر الذي أوضح أن اقتراح القانون المنجز هو نتاج عمل مشترك قلّ نظيره في لبنان وثمرة تعاون وثيق وغني جداً لجهات مختلفة بمجموعة عمل رأسها هو شخصياً وضمت ممثلين عن وزارات معنية ونقابات وهيئات مجتمع مدني ومنظمات مكافحة للفساد وأخصائيين قانونيين واستعانت بخبرات دولية.

وأشار إلى أن القانون يسعى إلى تعزيز الشفافية في الإدارة ومكافحة الفساد وتعزيز الثقة بين المواطن والدولة من خلال تكريس حق فعلي في الوصول إلى المعلومات.

ورداً على سؤال عن المقصود بعبارة “المعلومات”، أوضح مخيبر أنها تشتمل على المستندات الخطية، الملفات الإلكترونية، التسجيلات السمعية البصرية أو الصور التي تحفظها الإدارة العامة، لافتاً إلى أنها تتضمن على سبيل المثال التقارير الوزارية، محاضر اجتماعات، أوامر وتوجيهات وزارية، عقود حكومية، محاضر جلسات برلمانية، التقارير السنوية لمجلس شورى الدولة، مجلس الخدمة المدنية، التفتيش المركزي، أو ديوان المحاسبة مثلاً، بالإضافة إلى مستندات في مؤسسة المحفوظات الوطنية.

وعن الأسباب التي أدت إلى تأخر وصوله إلى مجلس النواب، قال مخيبر: “تم التقدم بهذا الإقتراح رسمياً من مجلس النواب عام 2008 إنما تأخر جداً ليتم وضعه على جدول أعمال لجنة الإدارة والعدل التي انتهت من مناقشته ولم يكن هناك من سبب معين لتأخر إقراره، لكن كان هناك حوالى 300 مشروع قانون مطروح”. وأضاف “إقتراح القانون هذا لن ينام بعد اليوم في الأدراج لأنه بات لدى الهيئة العامة التي نأمل أن تتمكن من الانعقاد قريباً لإقراره لأنه يشكل خطوة أولية، إنما مهمة جداً، على طريق إقامة الدولة الديمقراطية الفاعلة”.

إذن فلبنان ملتزم بقانون “حرية المعلومات” لكن مع وقف التنفيذ، والجميع مدعو لتكثيف الجهود والنداءات لإقراره سريعاً إلا أن العبرة تبقى في التطبيق والتنفيذ!

بقلم: جويل بو يونس

لبنان يسجل تراجعاً في مستوى النزاهة بحسب مؤشر مدركات الفساد للعام 2013 والفساد السائد عائق أمام النمو وتقدّم الإقتصاد

Corruption

أعلنت “الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لا فساد” نتائج مؤشر مدركات الفساد (Corruption Perception Index) لعام 2013، وهو المؤشر العالمي الذي تنتظر إعلانه جميع الدول في كل سنة، وأتى هذا الإعلان بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد الموافق في 9 كانون الأول.

شمل مؤشر مدركات الفساد لهذا العام 177 دولة من مختلف أنحاء العالم، حيث أحرز أكثر من ثلثيها أقل من خمسين درجة على مقياس يتراوح من صفر (حيث تتلاشى النزاهة ويسود الفساد) إلى 100 (حيث يتلاشى الفساد في المؤسسات وتسود النزاهة). وقد حاز لبنان على درجة 28 مسجلاً تراجعاً في مستوى النزاهة بالنسبة إلى العام الماضي، حيث حاز على الدرجة 30. كما احتل لبنان المرتبة 127 من أصل 177 بعد أن كان في المرتبة 128 من أصل 176 في العام الماضي.

fasadLebanon

لا بد من الإشارة هنا إلى الفرق بين المرتبة والدرجة، فبينما تشير الدرجة التي يحرزها البلد / المنطقة على المؤشر إلى المستوى المدرَك من الفساد في القطاع العام على مقياس تتراوح الدرجات المدرجة عليه ما بين صفر إلى 100 (على النحو المذكور سابقاً). أما المرتبة التي يحتلها البلد فتشير إلى الموقع الذي يحتله بالنسبة إلى البلدان الأخرى المدرجة على المؤشر. ويمكن للمراتب أن تتغير لمجرد أن يطرأ تغيير على عدد البلدان التي يتم إدراجها على المؤشر.

يحدد مؤشر مدركات الفساد (CPI) الدرجات والمراتب التي تحتلها البلدان استناداً إلى مستوى إدراك انتشار الفساد في القطاع العام لكل بلد. وهو مؤشر مركّب عبارة عن مزيج من المسوحات والتقييمات التي تتناول موضوع الفساد، والتي يتم جمعها من قبل مجموعة متنوعة من مؤسسات مستقلة متخصصة في مجال تحليل الحوكمة والأعمال. وتستند مصادر المعلومات التي يجري استخدامها لمؤشر مدركات الفساد للعام 2013 إلى البيانات والمعلومات التي تم جمعها خلال الأشهر الـ24 الماضية.

أما على الصعيد العربي، فإن مستويات الفساد وسوء استخدام السلطة ما زالت مرتفعة، فقد حصلت 85% من الدول العربية التي شملها المؤشر وعددها 13 دولة حصلت على درجة أقل من 50% على المؤشر، علماً أن 66% من دول العالم (البالغ عددها 177 دولة) صُنفت على المؤشر تحت مستوى 50%، ما يؤكد حاجة المؤسسات العامة إلى مزيد من الالتزام بالشفافية وتوسيع نطاق المساءلة للمسؤولين والمتنفذين.

وتُعزى هذه النتائج إلى عدة أسباب من أهمها: ضعف الدور الرقابي للبرلمانات العربية وهيئات الرقابة الرسمية على أداء الحكومات، بالإضافة إلى غياب المساءلة والمحاسبة، وضعف دور الإعلام ومنظمات المجتمع المدني في الرقابة على الحكومات ومساءلتها. كما أن هيئات مكافحة الفساد الرسمية القائمة لا تزال ضعيفة في قدراتها وإمكانياتها لملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم، في حين لم تنشأ مثل هذه الهيئات في عدد كبير من الدول العربية.

كما أن غياب ثقافة مكافحة الفساد لدى المواطنين له دور كبير في استمرار تفشي حالات الفساد في المؤسسات العامة. فإذا أخذنا لبنان على سبيل المثال، نجد غياباً شبه تام للثقافة القانونية، المالية، والإجتماعية لأن لبنان يعتمد على الكماليات في إدارة القطاعات والثقافة لا تجد لها دوراً أو منفذاً لدى القيّمين على إدارة مؤسساتهم مما يجعلهم أسرى تنفيذ الأعمال واقتناص ما يمكن اقتناصه بسرعة فائقة.

فالثقافة في إدارة الأموال العامة هي من أبرز المؤشرات التي تساعد على وقف الهدر وترشيد الإنفاق، لأن الرقابة في لبنان موجودة، ولا يمكن القول أن غياب الرقابة المالية سمحت وتسمح بوجود أخطاء في المؤسسات، لكن غياب الثقافة لدى العاملين في إدارة الأموال العامة، واتباعهم للمحاصصة الطائفية جعلت منهم عبيداً للوظيفة وبالتالي فتح أمامهم ما يُسمى بـ”كنز علي بابا”. للأسف هذا هو حال العديد من إدارات الدولة، هناك سرقات بالجملة يختبئ وراءها حماة الطوائف، وبحسب مصدر في هيئة الرقابة المالية، فإن الفساد منتشر في جميع أنحاء العالم، لكن ضبطه ووضعه في قالب مقفل هوما تسعى إليه الدول وتعمل على تخفيض الفساد. لكن ما يحصل في لبنان هو العكس، إذ أن إدارة المؤسسات العامة في لبنان تتبع بشكل مباشر لفئات معينة، وتتدخل هذه الفئات لتحمي من يتعرض للمساءلة وبالتالي تغلق ملفات السرقة، وهكذا تضيع مئات الملفات التي وإن فُتحت ستتسبب في كشف عمليات سرقة واختلاس قد تفوق الـ 100 مليون دولار.

Bribery

إن انتشار الفساد في لبنان على هذا النحو وعدم معالجته والتصدي له بالطريقة الواجبة، يتسبب بغياب الفرص الإستثمارية ويشكل عائقاً للنموفي بلد ينتظر فرصة لرفع نسبة النمو، فالآثار الإقتصادية لتفشي ظاهرة الفساد كبيرة وخطيرة خاصة بالنسبة إلى لبنان حيث يعتمد الإقتصاد بنسبة 80% على قطاع الخدمات و20% على قطاعات إنتاجية، وبالتالي فإن انتشار الفساد، يعني خوف المستثمر الأجنبي من ضخ أمواله في البلد، مما ينعكس سلباً على قطاعات الإعمار، السياحة، الإتصالات وغيرها من القطاعات الحيوية.

أول نشاط لمشروع “هيدا حقك”: اللقاء مع المتطوعين الشباب

في انطلاقة عملية لمشروع “هيدا حقك” الذي سيتم تنفيذه في مناطق القبة والتبانة وجبل محسن من قبل جمعيات “التنمية في عكار”، “يوتوبيا”، “لبنان المحبة” و”المركز اللبناني لتعزيز المواطنية، تم اللقاء بالمتطوعين الشباب الذين سيشاركون في الدورات التدريبية للمشروع وفي الأنشطة اللاحقة لها في مراكز كل من الجمعيات الثلاثة.

خلال اللقاءات الثلاثة جرى شرح خلفية المشروع ومدى أهمية العمل التطوعي وخصوصاً عندما يصب في خدمة المنطقة التي ينتمي إليها المتطوع بحيث يعزز مشاركته في إدارة الشأن العام في حيّه ومنطقته من خلال تقديم حلول لمشاكل تعاني منها المنطقة.

وتم اختيار أغلبية المتطوعين من فئة الطلاب. واعتبر الشباب المشاركون أن المشروع سيشكل فرصة جيدة لهم للتعبير عن آرائهم في أمور تتعلق ببلديتهم وكان ثناء على أن هذا النوع من المشاريع لم يجرِ تنفيذه من قبل في مناطقهم وسيتيح لهم نقل رغباتهم وشكاويهم إلى المسؤولين عن تسيير الشؤون المحلية.

اللقاء مع الشباب في مقر المركز اللبناني لتعزيز المواطنية

اللقاء مع الشباب في مقر المركز اللبناني لتعزيز المواطنية

اللقاء مع الشباب في مقر جمعية التنمية في عكار

اللقاء مع الشباب في مقر جمعية التنمية في عكار

اللقاء مع الشباب في مقر جمعية يوتوبيا

اللقاء مع الشباب في مقر جمعية يوتوبيا

اللقاء مع الشباب في جمعية لبنان المحبة

اللقاء مع الشباب في جمعية لبنان المحبة